وكانت هذه الحجة تسمى " حجة الوداع " لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعدها (?) .
فلما انقضى حجه، رجع إلى المدينة. فأقام صلى الله عليه وسلم بقية ذي الحجة والمحرم وصفر.
ثم ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه الذي مات فيه في آخر صفر.
بعث أسامة بن زيد إلى البلقاء ولما كان يوم الاثنين لأربع ليال بقين من صفر سنة إحدى عشرة. أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالتهيؤ لغزو الروم. فلما كان من الغد دعا أسامة بن زيد. وأمره أن يسير إلى موضع مقتل أبيه زيد بن حارثة، وأن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين. فتجهز الناس، وأوعب مع أسامة المهاجرون والأنصار.
ثم استبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في بعث أسامة - وهو في وجعه - فخرج عاصبا رأسه حتى جلس على المنبر، وكان المنافقون قد قالوا في إمارة أسامة: أمر غلاما حدثا على جلة المهاجرين والأنصار. فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا. وخرج عاصبا رأسه - وكان قد بدأ به الوجع - فصعد المنبر " فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة، فلئن طعنتم في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه. وأيم الله إن كان لخليقا للإمارة. وإن ابنه من بعده لخليق للإمارة، وإن كان أبوه لمن أحب الناس إلي. وإن هذا لمن أحب الناس إلي من بعده " ثم نزل.