حجة الوداع فلما دخل ذو القعدة، تجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم للحج، وأمر الناس بالجهاز له. وأمرهم أن يلقوه. فخرج معه من كان حول المدينة وقريبا منها. وخرج المسلمون من القبائل القريبة والبعيدة حتى لقوه في الطريق، وفي مكة، وفي منى وعرفات، وجاء علي من اليمن مع أهل اليمن. وهي حجة الوداع.
فخرج لها لخمس بقين من ذي القعدة في آخر سنة عشر. فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وساق معه الهدي. فأرى الناس مناسكهم، وعلمهم سنن حجهم. وهو صلى الله عليه وسلم يقول لهم ويكرر عليهم «أيها الناس خذوا عني مناسككم. فلعلكم لا تلقوني بعد عامكم هذا» .
ولما كان بمنى خطب الناس خطبته التي بين فيها ما بين: " فحمد الله وأثنى عليه. ثم قال: «أيها الناس: اسمعوا قولي: فإني لا أدري، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم. وكل ربا موضوع. وأول ربا أضعه: ربا العباس بن عبد المطلب. فأنه موضوع كله. وإن كل دم في الجاهلية موضوع، وأول دم أضعه: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب. وإني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لم تضلوا - كتاب الله -، وأنتم مسئولون عني. فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت، وأديت، ونصحت. فجعل يرفع إصبعه إلى السماء، وينكبها إليهم، ويقول اللهم اشهد - ثلاث مرات» .