قريش هي التي نصبت لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلما افتتحت مكة، ودانت له قريش. عرفت العرب: ألا طاقة لهم بحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا عداوته، فدخلوا في دين الله أفواجا. كما قال تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ - وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا - فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1 - 3] (?) .
وفد بني تميم فقدم عليه عطارد بن حاجب التميمي، في أشراف من بني تميم، جاءوا في أسرى بني تميم، الذين أخذتهم سرية عيينة بن حصن الفزاري في المحرم من هذه السنة. وكان عيينة قد أخذ أحد عشر رجلا، وإحدى وعشرين امرأة، وثلاثين صبيا. وساقهم إلى المدينة. فقدم رؤساء بني تميم فيهم. فلما دخلوا المسجد، نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات - وهو في بيته - أن اخرج إلينا. فآذى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأنزل الله فيهم: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ - وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 4 - 5] (?) .
فلما خرج إليهم قالوا: جئنا لنفاخرك، فائذن لشاعرنا وخطيبنا. قال: " أذنت لخطيبكم " فقام عطارد. فخطب. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس بن شماس: " قم، فأجب الرجل " فقام ثابت فخطب وأجابه. وقام الزبرقان بن بدر فقال:
نحن الكرام , فلا حي يعادلنا ... منا الملوك وفينا تنصب البيع