ثم مضوا حتى نزلوا معان. فبلغهم أن هرقل بالبلقاء في مائة ألف من الروم وانضم إليه من لخم وجذام وبلي وغيرهم مائة ألف. فأقاموا ليلتين ينظرون في أمرهم.
وقالوا: نكتب إلى رسول اللَّه فنخبره. فإما أن يمدنا، وإما أن يأمرنا بأمره فشجعهم عبد اللَّه بن رواحة، وقال واللَّه إن الذي تكرهون للذي خرجتم تطلبون الشهادة. وما نقاتل الناس بقوة ولا كثرة وما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا اللَّه به فانطلقوا فإنما هي إحدى الحسنيين إما ظفر. وإما شهادة.
فمضى الناس حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم الجموع. فانحاز المسلمون إلى مؤتة. ثم اقتتلوا عندها والراية في يد زيد. فلم يزل يقاتل بها حتى شاط في رماح القوم. فأخذها جعفر فقاتل بها. حتى إذا أرهقه القتال اقتحم عن فرسه فعقرها. ثم قاتل حتى قطعت يمينه. فأخذ الراية بيساره فقطعت يساره. فاحتضن الراية حتى قتل. وله ثلاث وثلاثون سنة. -رضي اللَّه عنهم-.
ثم أخذها عبد اللَّه بن رواحة. فتقدم بها، وهو على فرسه فجعل يستنزل نفسه ويقول:
أقسم باللَّه لتنزلنه ... لتنزلن أو لتكرهنه
يا طالما قد كنت مطمئنه ... إن أجلب الناس وشدوا الرنه
مالي أراك تكرهين الجنه؟
ويقول أيضا: