الثلاث فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أبا رافع فأذن بالرحيل.
ثم دخلت السنة الثامنة فكانت فيها غزوة مؤتة وسببها: أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بعث الحارث بن عمير بكتاب إلى ملك الروم - أو بصرى - فعرض له شرحبيل بن عمرو الغساني. فقتله - ولم يقتل لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - رسول غيره - فاشتد ذلك عليه فبعث البعوث. واستعمل عليهم زيد بن حارثة، وقال إن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب على الناس وإن أصيب جعفر فعبد اللَّه بن رواحة فتجهزوا. وهم ثلاثة آلاف.
فلما حضر خروجهم. ودع الناس أمراء رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - وسلموا عليهم. فبكى عبد اللَّه بن رواحة. فقالوا ما يبكيك؟ فقال أما واللَّه ما بي حب الدنيا ولا صبابة بكم. ولكني سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - يقرأ آية من كتاب اللَّه يذكر فيها النار {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71] (?) ولست أدري كيف لي بالصدور بعد الورود؟ فقال المسلمون صحبكم اللَّه ودفع عنكم. وردكم إلينا صالحين.
فقال ابن رواحة:
لكنني أسأل الرحمن مغفرة ... وضربة ذات فرع تقذف الزبدا
أو طعنة بيدي حران مجهزة ... بحربة تنفذ الأحشاء والكبدا
حتى يقال إذا مروا على جدثي ... يا أرشد اللَّه من غاز وقد رشدا.