لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع فرجع عنهم وسبهم. وسأل نفر من الأنصار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أن يستعينوا بحلفائهم من يهود. فأبى، وقال من يخرج بنا على القوم من كثب؟ . فخرج به بعض الأنصار، حتى سلك في حائط لمربع بن قيظي من المنافقين - وكان أعمى - فقام يحثو التراب في وجوه المسلمين ويقول لا أحل لك أن تدخل في حائطي، إن كنت رسول اللَّه. فابتدروه ليقتلوه. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر.
ونفذ حتى نزل الشعب من أحد، في عدوة الوادي الدنيا. وجعل ظهره إلى أحد ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم.
فلما أصبح يوم السبت تعبأ للقتال. وهو في سبعمائة منهم خمسين فارسا. واستعمل على الرماة - وكانوا خمسين - عبد اللَّه بن جبير. وأمرهم ألا يفارقوا مركزهم ولو رأوا الطير تختطف العسكر. وأمرهم أن ينضحوا المشركين بالنبل لئلا يأتوا المسلمين من ورائهم. وظاهر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - بين درعين.
وأعطى اللواء مصعب بن عمير، وجعل على إحدى المجنبتين الزبير بن العوام وعلى الأخرى: المنذر بن عمرو. واستعرض الشباب يومئذ. فرد من استصغر عن القتال - كابن عمر وأسامة بن زيد والبراء وزيد بن أرقم وزيد بن ثابت، وعرابة الأوسي - وأجاز من رآه مطيقا.
وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف وفيهم مائتا فارس فجعلوا على ميمنتهم خالد بن الوليد. وعلى الميسرة عكرمة بن أبي جهل.