مصعب: إنه أخي دونك. قال عزيز وكنت مع رهط من الأنصار حين قفلوا، فكانوا إذا قدموا طعاما خصوني بالخبز وأكلوا التمر. لوصية رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - إياهم بنا، ما يقع في يد رجل منهم كسرة إلا نفحني بها. قال فأستحي فأردها على أحدهما. فيردها علي ما يمسها.
أسارى بدر واستشار رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - أصحابه في الأسرى وهم سبعون. وكذلك القتلى سبعون أيضا. فأشار الصديق أن يؤخذ منهم فدية تكون لهم قوة. ويطلقهم لعل اللَّه يهديهم للإسلام. فقال عمر لا واللَّه ما أرى ذلك. ولكني أرى أن تمكننا، فنضرب أعناقهم. فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديد الشرك فهوى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ما قال أبو بكر. فقال: «إن اللَّه عز وجل ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون ألين من اللين وإن اللَّه عز وجل ليشدد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة. وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم إذ قال {فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36] وإن مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى، إذ قال {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} [المائدة: 118]- الآية وإن مثلك يا عمر كمثل موسى، قال {رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ} [يونس: 88]- الآية وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: 26] ثم قال أنتم اليوم عالة. فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضرب عنق. فأنزل اللَّه تعالى {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67]- الآيتين» (?) .