ومات بالصفراء وفيهم نزلت {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19]- الآية (?) فكان علي -رضي اللَّه عنه- يقول «أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي اللَّه عز وجل يوم القيامة» .
ولما عزمت قريش على الخروج وذكروا ما بينهم وبين بني كنانة من الحرب. فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك. فقال {لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [الأنفال: 48] فلما تعبئوا للقتال ورأى الملائكة فر ونكص على عقبيه فقالوا: إلى أين يا سراقة؟ فقال {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الأنفال: 48]
وظن المنافقون ومن في قلبه مرض أن الغلبة بالكثرة فقالوا {غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ} [الأنفال: 49] فأخبر اللَّه سبحانه أن النصر إنما هو بالتوكل على اللَّه وحده.
ولما دنا العدو قام رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - فوعظ الناس. وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر وأن اللَّه قد أوجب الجنة لمن يستشهد في سبيله.
فأخرج عمير بن الحمام بن الجموح تمرات من قرنه يأكلهن. ثم قال لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة " فرمى بهن وقاتل حتى قتل فكان أول قتيل.
وأخذ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم - ملء كفه ترابا فرمى به في وجوه القوم. فلم تترك رجلا منهم إلا ملأت عينيه. فهو قوله تعالى {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17] (?) .