واشتد إنكار قريش لذلك. وزعموا: أنهم وجدوا مقالا. فقالوا قد أحل محمد الشهر الحرام. واشتد على المسلمين ذلك حتى أنزل اللَّه {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ} [البقرة: 217] (?) الآية يقول سبحانه هذا الذي أنكرتموه - وإن كان كبيرا - فما ارتكبتموه وترتكبونه من الكفر باللَّه والصد عن سبيله وبيته وإخراج المسلمين منه أكبر عند اللَّه.
معنى الفتنة و " الفتنة " هنا الشرك كقوله {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193] (?) وقوله {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: 23] (?) أي لم تكن عاقبة شركهم وآخرة أمرهم إلا أن أنكروه وتبرءوا منه.
وحقيقتها: الشرك الذي يدعو إليه صاحبه ويعاقب من لم يفتتن به. ولهذا قال تعالى {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا} [البروج: 10] (?) الآية فسرت بتعذيب المؤمنين وإحراقهم بالنار ليرجعوا عن دينهم.
وقد تأتي " الفتنة " ويراد بها: المعصية. كقوله تعالى {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي} [التوبة: 49]- الآية (?) وكفتنة الرجل في أهله وماله وولده