أخبر سبحانه بأن الآيات تأتيهم فيعرضون عنها، وأنهم سيرون صدق ما جاءت به الرسل كما أهلك اللَّه من كان قبلهم بالذنوب التي هي تكذيب الرسل فإن اللَّه سبحانه وتعالى يقول {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا} [القصص: 59]- الآية (?) وأخبر بشدة كفرهم بأنهم لو أنزل عليهم كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لكذبوا به وبين سبحانه أنه لو جعل الرسول ملكا لجعله على صورة الرجل. إذ كانوا لا يستطيعون أن يروا الملائكة في صورهم التي خلقوا عليها. وحينئذ يقع اللبس عليهم لظنهم الرسول بشرا لا ملكا.
وقال تعالى {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90]- الآيات (?) . وهذه الآيات لو أجيبوا إليها، ثم لم يؤمنوا: لأتاهم عذاب الاستئصال وهي لا توجب الإيمان بل إقامة للحجة والحجة قائمة بغيرها. وهي أيضا مما لا يصلح فإن قولهم {حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [الإسراء: 90] يقتضي تفجيرها بمكة فيصير واديا ذا زرع واللَّه سبحانه وتعالى قضى بسابق حكمته أن جعل بيته بواد غير ذي زرع لئلا يكون عنده ما ترغب النفوس فيه من الدنيا. فيكون حجهم للدنيا.
وإذا كان له جنة من نخيل وعنب كان في هذا من التوسع في الدنيا ما يقتضي نقص درجته.