فصل من أخرى وقفت منه خاطري الحيران على ما هداه لقصده وقلبي الظمآن على ما جمع بينه وبين ورده ويسرت حللل الإنس ورقعت ولولا القلق لقلت له ورياض القدس وأشرفت على أيام الأعياد وليالي العرس فلا عدمت ذلك الفضل الواسع والخلق البارع والأطناب (241أ) والمعنى النافع واللفظ الناقع والمعنى الواقع والسرو الطالع والحديث الذي بث في الأرواح شعاع الروح والعلم الذي يذبح الطروس بوشي الوشائع والقوافي التي إلى هذه الحلى وأحل لها عقدة الحبي واهتز لقطرها كما يهتز لحب القطر الربي وأنني أقراها معاوداً ثم لا أقضي منها إرباً وقد تمادت الفرقة والشوق متماد وهام خاطري ومنه
في كل واد إلا وادي السلو ... ليس له بواد ولا هو له بواد
أما في صروف الدهر أن يرجع النوى ... بهم ويدل القريب فيهم على البعد
بلى في صروف الدهر كل الذي ... أرى ولكنما أغفلن حظى على عمد
وأما الأخبار الطيبة بتلك السياقة المستعذبة فقد أوردها بلسان الإحسان وأحسن فيها العبارة عن الزمان وهو ترجمان الزمان وهو المعيد لبنائه لمل يملأ الملوان ولقد جئت أن ذلك البيان مما زين للناس من الشهوات وما حظر عليهم من حوادث النشوات بل هو من نعيم الجنة الذي كلما نفد جدد ومن ثمراتها الذي كلما أريد ردد لأعدمت الدولة الناصرة من قلمة ناصراً ومن رأيه ناظراً ومن فكره جيشاً لجيش الأعداء كاسراً.
ومن أخرى أقلام المجلس السامي إذا صفاها صوب فكره أطفأت كل نار وإذا أنجدها جد عزمه أخذت كل ثار وأدام الله أسفار وجوه كتبه ورسله وسأذكر ما حضرته من قوله الحسن والإحسان والروح والريحان وثبوت ذهنه على أن الطبع شجاع والفكر صاع وقلمه في كرسي مملكة يده نافذ الأمر مطاع، قال: وقد سبق ذكر أخي تاج الدين رسولاً من الديوان العزيز في هذه السنة بتذكرة غلظ فيها القول واحفظ منها الصول وأتت إلى العلم الكريم الفاضلي فوصل منه جواب.
فصل
وقفت على ما أشار إليه من حديث التاج أبقاه الله وتأويل التذكرة وما جدده تأملها من مغائظ وضبائط وما أشار إليه الحاضرون وما نظر فيه الناظرون واستنجاده برأيي واستمداده بكتابي وانتظاره لما يسفر عنه من السلطان عن بصره جوابي وقد علم سيدنا أنني أمللت الأقلام فيما كتبته وأخفيتها فيما أردته وحررت المشورة في دمج هذه القضية وسير هذه الحلية والإمساك أما على معنى التخصص أو معنى التربص فرب صبر استقل بحمود العاقبة ورب مكروه الفاتحة أدى إلى محمود الخاتمة. وأصل هذه التذكرة مبني على جواب الباطن والتعاطي الظاهر ومن كان صلاحه التوقي فتساعده عليه ومن كان رضاه القول فنرشده إليه وقد كتبت الآن بما اتسع لي أن أكتبه وسألت أن يدفع هذا الغيظ فما جاء ما أوجبه وأنا واثق من حسن النية أن المولى التاج أبقاه الله يخرج من هذه القضية سالماً غانماً لا راغماً غارماً فإن حريته وفضل سجيته يجردانه من الذنب ولا يجعلان لقلبه بهذا الأمر شغلاً فما رأيت قط الثأر العثار إلا حيث لا يستقيم إليه ولا يخلص الطوبة.
وقفت على كتاب كريم يتضمن من أحوال المولى تاج الدين إلا من جهتين من جهة المودة ومن جهة إطراح ما يردد في حقي من المهودة وبالله أقسم لقد بذلت المجهود وما من شرط بذله بلوغ المقصود وودت لو اطلع على الكتب التي كتبتها فإن فيها عذراً ونصحاً يقتضيان قبولاً ونجحاً وقد جددت في هذا الوقت الذي كشفت فيه وجه النصيحة وأوردت فيها قضية الرأي الصحيحة وأرجو أن يسرد على أصغار ولا يرد على ما ورد عليه ما قبل من إلغاء ومن فقرة الأسدين فلا بأس فنزل الأنس الدين. أخرى هو مغض على كل مغضب ومجد على كل مجدب يستقل بكل مضلع ويكشف كل معضل وقد علم قاصده أنه مفض منه إلى مفضل.
قال: وقال استلامت البلاغة بزرد أحرفه فقلت واستنت المعاني في طرق طرفه. قال وفي التعزية لشهيد وليس من السنة أن يرتع في رياض الرضا ونحن نسخط في جنان الجنان ونحن في الأسى نتورط فإن الله لا حكم على علمه ولا علم لنا بحكمه. وله والحر أصبر قلباً والعبد أصبر جسماً. وله: كتابي يملي على القلم ويكاد يستمد من الدم. وله: وصمته بما استوى فيه نطقه وصمته ألفت منه ود اللام للألف والواو للحلف.