«الرَّجُلُ مَزْكُومٌ» ، تَنْبِيهٌ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَفِيهِ اعْتِذَارٌ مِنْ تَرْكِ تَشْمِيتِهِ بَعْدَ الثَّلَاثِ. وإذا حمد الله فسمعه بعضهم دون بعض، فالصواب أن يشمته من لم يسمعه إذا تحقق أنه حمد الله، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «فَإِنْ حمد الله فشمتوه» ، وإذا نسي الحمد، فقال ابن العربي: لا يذكره. وظاهر السنة يقوي هذا القول، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكره، وهو أولى بفعل السنة وتعليمها. وصح عنه «أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَهُ يَرْجُونَ أَنْ يقول لهم: يرحمكم الله، فيقول: يهديكم الله ويصلح بالكم.»

[فَصْلٌ فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آداب السفر]

فَصْلٌ

فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في آداب السفر صح عنه أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ، فَلْيَرْكَعْ ركعتين» . الحديث (?) فعوض أمته بهذا عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ زَجْرِ الطَّيْرِ، وَالِاسْتِقْسَامِ بِالْأَزْلَامِ الَّذِي نَظِيرُهُ هَذِهِ الْقُرْعَةُ التي يَفْعَلُهَا إِخْوَانُ الْمُشْرِكِينَ يَطْلُبُونَ بِهَا عِلْمَ مَا قسم لهم في الغيب؛ ولهذا سمي استقساما، فعوضهم بهذا الدعاء الذي هو توحيد وتوكل، وسؤال للذي لَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ، وَلَا يَصْرِفُ السيئات إلا هو -عن التطير والتنجيم واختيار المطالع ونحوه، فهذا الدعاء هو طالع أهل السعادة، لا طالع أهل الشرك {الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الحجر: 96] (?) . وتضمن الإقرار بصفات كماله، والإقرار بربوبيته، والتوكل عليه، واعتراف العبد بعجزه عن العلم بمصالح نفسه، وقدرته عليها، وإرادته لها. ولأحمد عن سعد مرفوعا: «إن من سعادة ابن آدم استخارة الله، والرضى بما قضى الله، وإن من شَقَاوَةِ ابْنِ آدَمَ تَرْكُ اسْتِخَارَةِ اللَّهِ، وَسَخَطُهُ بِمَا قَضَى اللَّهُ» . فَتَأَمَّلْ كَيْفَ وَقَعَ الْمَقْدُورُ مُكْتَنِفًا بِأَمْرَيْنِ: التَّوَكُّلِ الَّذِي هُوَ مَضْمُونُ الِاسْتِخَارَةِ قبله، والرضى بما يقضي الله بعده. «وَكَانَ إِذَا رَكِبَ رَاحِلَتَهُ كَبَّرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015