فَصْلٌ ثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ وَحَمِدَ اللَّهَ كَانَ حَقًّا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا تَثَاءَبَ ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ» . ذَكَرَهُ البخاري. وفي " صحيحه " أيضا: «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ، فَلْيَقُلِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلْيَقُلْ لَهُ أَخُوهُ أَوْ صَاحِبُهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَإِذَا قَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ. فَلْيَقُلْ: يَهْدِيكُمُ اللَّهُ ويصلح بالكم» . وفي " صَحِيحِ مسلم «إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَحَمِدَ اللَّهَ، فشمتوه، وإن لم يحمد الله، فلا تشمتوه» . وفي " صحيحه ": «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ: إِذَا لَقِيتَهُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ، فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ وَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ، وإذا مات فاتبعه، وإذا مرض فعده» . وللترمذي عن ابن عمر: «عَلَّمَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ العطاس أَنْ نَقُولَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ» . وَذَكَرَ مالك عَنْ نافع عَنِ ابْنِ عُمَرَ: إذا عطس أحدكم، فقيل له: يرحمك الله. فليقل: يرحمنا الله وإياكم، ويغفر لنا ولكم. وظاهر الْحَدِيثِ الْمَبْدُوءِ بِهِ أَنَّ التَّشْمِيتَ فَرْضُ عَيْنٍ. اختاره ابن أبي زيد، ولا دافع له. ولما كان العاطس قد حصل لَهُ بِالْعُطَاسِ نِعْمَةٌ وَمَنْفَعَةٌ بِخُرُوجِ الْأَبْخِرَةِ الْمُحْتَقِنَةِ، شرع له صلى الله عليه وسلم حَمْدُ اللَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ مَعَ بَقَاءِ أعضائه على هيئتها بَعْدَ هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ الَّتِي هِيَ لِلْبَدَنِ كَزَلْزَلَةِ الأرض لها. وكان إِذَا عَطَسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوْبَهُ عَلَى فيه، وخفض بها صوته، ويذكر عنه: «أن التثاؤب الرفيع، والعطسة الشديدة من الشيطان» . وَصَحَّ عَنْهُ إِنَّهُ «عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يرحمك الله، ثم عطس أخرى، فقال له: الرجل مزكوم» ، لفظ مسلم، ولفظ الترمذي أنه قال بعد العطسة الثالثة، وقال: حديث صحيح. ولأبي داود عن أبي هريرة موقوفا: شَمِّتْ أَخَاكَ ثَلَاثًا، فَمَا زَادَ فَهُوَ زُكَامٌ، فإن قيل: الذي فيه زكام أولى أن يدعى له! قيل: يدعى له كما يدعى للمريض، وَأَمَّا سُنَّةُ الْعُطَاسِ الَّذِي يُحِبُّهُ اللَّهُ وَهُوَ نعمة، فإنه إلى تمام الثلاث، وَقَوْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: