مرفوعا: «السلام قبل السؤال، فمن بدأ بِالسُّؤَالِ قَبْلَ السَّلَامِ، فَلَا تُجِيبُوهُ» ، وَيُذْكَرُ عَنْهُ: «لا تأذنوا لمن لم يبدأ السلام» . وَكَانَ إِذَا أَتَى بَابَ قَوْمٍ لَمْ يَسْتَقْبِلِ الباب، وَلَكِنْ مِنْ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ أَوِ الْأَيْسَرِ، فَيَقُولُ: السلام عليكم. وكان يسلم بنفسه على من يواجهه، ويتحمل السلام كما تحمله من الله لخديجة، وقال للصديقة الثانية: «هذا جبريل يقرأ عليك السلام» . وكان من هديه انتهاء السلام إلى: " وبركاته "، وكان من هديه أن يسلم ثلاثا كما في البخاري عن أنس، ولعله في الكثير الذي لا تبلغهم المرة، وإذا ظن أنه لم يحصل الإسماع بالأول والثاني. ومن تأمل هديه علم أن التكرير أمر عارض. وَكَانَ يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا سَلَّمَ عليه أحد رد عليه مثلها أو أحسن على الفور، إلا لعذر مثل قضاء الحاجة، ولم يكن يرد بيده، ولا برأسه، ولا بإصبعه إلا في الصلاة، فإنه ثبت عنه الرد فيها بالإشارة. وكان هديه في الابتداء: السلام عليكم ورحمة الله. ويكره أن يقول المبتدئ: عليك السلام. وكان يرد على المسلم: وعليكم السلام، بالواو، ولو حذف الراد الواو، فقالت طائفة: لا يسقط به فرض الرد؛ لأنه مخالف للسنة، ولأنه لا يعلم هل رد أو ابتدأ التحية. وذهبت طائفة إلى أنه صحيح، نص عليه الشافعي، واحتج له بقوله تعالى: {فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ} [الذَّارِيَاتِ: 25] (?) أَيْ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا بُدَّ مِنْ هَذَا، وَلَكِنْ حَسُنَ الْحَذْفُ فِي الرَّدِّ لِأَجْلِ الحذف في الابتداء، واحتج له برد الملائكة على آدم المتقدم.
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الْكِتَابِ صَحَّ عَنْهُ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لَقِيتُمُوهُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاضْطَرُّوهُمْ إِلَى أَضْيَقِ الطَّرِيقِ» ، لَكِنْ قَدْ قِيلَ: إنه في قضية خاصة لما سار إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ: «لَا تَبْدَءُوهُمْ بِالسَّلَامِ» ، فهل هو عام في أهل الذمة، أو يختص بمن كان حاله كأولئك؟ لكن في " صحيح مسلم ": «لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ، وَإِذَا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى