وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ «مر بصبيان فسلم عليهم» . وذكر الترمذي «أنه مر بِجَمَاعَةِ نِسْوَةٍ، فَأَلْوَى بِيَدِهِ بِالتَّسْلِيمِ» . وَقَالَ أبو داود عَنْ أسماء بنت يزيد: «مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ، فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» . وَهِيَ رِوَايَةُ حَدِيثِ الترمذي، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَأَنَّهُ سَلَّمَ عَلَيْهِنَّ بِيَدِهِ. وفي الْبُخَارِيِّ: أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَنْصَرِفُونَ مِنَ الْجُمُعَةِ، فَيَمُرُّونَ عَلَى عَجُوزٍ فِي طَرِيقِهِمْ، فَيُسَلِّمُونَ عَلَيْهَا، فَتُقَدِّمُ لَهُمْ طَعَامًا مِنْ أُصُولِ السَّلْقِ وَالشَّعِيرِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَامِ عَلَى النِّسَاءِ؛ يُسَلِّمُ عَلَى الْعَجُوزِ وَذَوَاتِ الْمَحَارِمِ دُونَ غيرهن. وفي " صحيح البخاري ": «يسلم الصَّغِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالْمَارِّ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالرَّاكِبِ على الماشي، والقليل على الكثير» . وفي الترمذي: «يُسَلِّمُ الْمَاشِي عَلَى الْقَائِمِ» . وَفِي " مُسْنَدِ البزار " عنه: «وَالْمَاشِيَانِ أَيُّهُمَا بَدَأَ فَهُوَ أَفْضَلُ» . وَفِي " سُنَنِ أبي داود " عَنْهُ: «إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ من بدأهم بالسلام» . وكان من هديه السَّلَامُ عِنْدَ الْمَجِيءِ إِلَى الْقَوْمِ، وَالسَّلَامُ عِنْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُمْ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا قعد أحدكم فليسلم، وإذا قام، فليسلم، فليست الأولى بأحق مِنَ الْآخِرَةِ» (?) . وَذَكَرَ أبو داود عَنْهُ: «إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ صَاحِبَهُ، فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَإِنْ حَالَ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا» . وَقَالَ أنس: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَمَاشَوْنَ، فَإِذَا لقيتهم شَجَرَةٌ أَوْ أَكَمَةٌ تَفَرَّقُوا يَمِينًا وَشِمَالًا، وَإِذَا الْتَقَوْا مِنْ وَرَائِهَا، سَلَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ. ومن هديه أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين، ثم يجيء فيسلم، فَتَكُونُ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ قَبْلَ تَحِيَّةِ أَهْلِهِ، فَإِنَّ تلك حق الله، والسلام عليهم حق لهم، وحق الله تعالى في مثل هذا أولى بِالتَّقْدِيمِ بِخِلَافِ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ، فَإِنَّ فِيهَا نِزَاعًا، والفرق بينهما حاجة الآدمي، وعدم اتساع المال لأداء الحقين. وَعَلَى هَذَا فَيُسَنُّ لِدَاخِلِ الْمَسْجِدِ إِذَا كَانَ فيه جماعة ثلاث تحيات مرتبة. أحدها: أَنْ يَقُولَ عِنْدَ دُخُولِهِ: بِسْمِ اللَّهِ وَالصَّلَاةُ والسلام على رسول الله، ثم يصلي تحية المسجد، ثم يسلم على القوم. وكان إذا دخل على أهله بالليل سلم تَسْلِيمًا لَا يُوقِظُ النَّائِمَ، وَيُسْمِعُ الْيَقْظَانَ. ذَكَرَهُ مسلم، وذكر الترمذي عنه: «السلام قبل الكلام» ، ولأحمد عن ابن عمر