سواه. وحديث عائشة: «ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي» -غريب، لا يعارض بمثله الحديث الصحيح. وكره قوم من السلف الكنية بأبي عيسى، وأجازه آخَرُونَ، فَرَوَى أبو داود عَنْ زَيْدِ بْنِ أسلم أن عمر ضرب ابنا له تكنى بأبي عيسى، وكني المغيرة بأبي عيسى فقال عمر: أَمَا يَكْفِيكَ أَنْ تُكْنَى بأبي عبد الله؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم كناني بذلك، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قد غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، وإنا لفي جلجلتنا (?) . فَلَمْ يَزَلْ يُكَنَّى بأبي عبد الله حَتَّى هلك. ونهى عَنْ تَسْمِيَةِ الْعِنَبِ كَرْمًا، وَقَالَ: «الْكَرْمُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ» (?) وَهَذَا لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ تَدُلُّ عَلَى كثرة الخير والمنافع، وقال: «لا يغلبنكم الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ، أَلَا وَإِنَّهَا الْعِشَاءُ، وإنهم يسمونها العتمة» . وقال: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا ولو حبوا» . والصواب أنه لم ينه عن إطلاق هذا الاسم بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا نَهَى عَنْ أَنْ يُهْجَرَ اسْمُ العشاء، وهذا محافظة منه على الاسم الذي سمى به الْعِبَادَاتِ، فَلَا تُهْجَرُ وَيُؤَثِّرُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا، كَمَا فَعَلَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي هِجْرَانِ أَلْفَاظِ النُّصُوصِ، وَإِيثَارِ الْمُصْطَلَحَاتِ الْحَادِثَةِ عَلَيْهَا، وَنَشَأَ بِسَبَبِ هَذَا مِنَ الْجَهْلِ وَالْفَسَادِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ، وَهَذَا لمحافظته على تقديم ما قدمه الله. وبدأ في العيد بالصلاة ثم نحر، وَبَدَأَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِالْوَجْهِ، ثُمَّ الْيَدَيْنِ، ثم الرأس، ثم الرجلين، وقدم زكاة الفطر على صلاة العيد؛ لقوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الْأَعْلَى: 14 - 15] (?) وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ.
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِفْظِ الْمَنْطِقِ وَاخْتِيَارِ الْأَلْفَاظِ كَانَ يَتَخَيَّرُ فِي خِطَابِهِ، وَيَخْتَارُ لِأُمَّتِهِ أَحْسَنَ الْأَلْفَاظِ وأبعدها من ألفاظ أهل الجفاء وَالْفُحْشِ، فَلَمْ يَكُنْ فَاحِشًا وَلَا مُتَفَحِّشًا وَلَا صَخَّابًا وَلَا فَظًّا. وَكَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْتَعْمَلَ اللَّفْظِ الشَّرِيفِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ، وأن