كتفه الآخر وَمَنْكِبَهُ، وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ أَشَارَ إِلَيْهِ، واستلمه بمحجنه وقبل المحجن، وهو عصا محنية الرأس.

وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ استلم الركن اليماني، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَهُ، وَلَا قَبَّلَ يَدَهُ عِنْدَ اسْتِلَامِهِ، وَثَبَتَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَبَّلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ اسْتَلَمَهُ بِيَدِهِ، فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَبَّلَهَا، وَثَبَتَ عنه أنه استلمه بمحجنه، فهذه ثلاث صفات وذكر الطبراني بإسناد جيد أنه إذا استلم الركن قال: «بسم الله والله أكبر» وكلما أَتَى عَلَى الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ قَالَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ» وَلَمْ يَسْتَلِمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يمس من الأركان إلا اليمانيين فقط.

فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ جَاءَ إِلَى خَلْفِ الْمَقَامِ، فَقَرَأَ {وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [البقرة: 125] (?) فركع رَكْعَتَيْنِ، وَالْمَقَامُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ، قَرَأَ فِيهِمَا بعد الفاتحة بـ " سورتي الإخلاص " وقراءته الآية بيان منه المراد منها لله بفعله، فلما فرغ من صلاته أقبل على الحجر، فَاسْتَلَمَهُ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا مِنَ الْبَابِ الذي يقابله، فلما دني مِنْهُ قَرَأَ « {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أبدأ بما بدأ الله به» وللنسائي: «ابدءوا» على الْأَمْرِ.

ثُمَّ رَقِيَ عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ، وَقَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ» ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْمَرْوَةِ يَمْشِي فَلَمَّا انْصَبَّتْ قدماه سَعَى حَتَّى إِذَا جَاوَزَ الْوَادِيَ وَأَصْعَدَ، مَشَى، وذلك قبل الميلين الأخضرين في أول المسعى، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَادِيَ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَنْ وَضْعِهِ.

فكان صلى الله عليه وسلم إذا وصل الْمَرْوَةِ رَقِيَ عَلَيْهَا ; وَاسْتَقْبَلَ الْبَيْتَ، وَكَبَّرَ اللَّهَ وَوَحَّدَهُ، وَفَعَلَ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، فَلَمَّا أَكْمَلَ سَعْيَهُ عِنْدَ الْمَرْوَةِ، أَمَرَ كُلَّ مَنْ لا هدي معه أن يحل حتما، وأمرهم أن يحلوا الحل كله، وَأَنْ يَبْقَوْا كَذَلِكَ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَلَمْ يحل مِنْ أَجْلِ هَدْيِهِ، وَهُنَاكَ قَالَ: «لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لَمَا سُقْتُ الْهَدْيَ، ولجعلتها عمرة» وَهُنَاكَ دَعَا لِلْمُحَلِّقِينَ بِالْمَغْفِرَةِ ثَلَاثًا، وَلِلْمُقَصِّرِينَ مَرَّةً.

وأما نساؤه فَأَحْلَلْنَ، وَكُنَّ قَارِنَاتٍ إِلَّا عائشة، فَإِنَّهَا لَمْ تحل من أجل تعذر الحل بالحيض، وأمر من أهل كإهلاله أن يقيم على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015