وَكَانَ الصَّحَابَةُ حِينَ يُنْشِئُونَ السَّفَرَ يُفْطِرُونَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ مُجَاوَزَةِ الْبُيُوتِ، وَيُخْبِرُونَ أَنَّ ذَلِكَ هديه وسنته صلى الله عليه وسلم.
«وكان يُدْرِكَهُ الْفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، فَيَغْتَسِلُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَيَصُومُ» ، «وَكَانَ يُقَبِّلُ بَعْضَ أَزْوَاجِهِ وَهُوَ صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ» ، وَشَبَّهَ قُبْلَةَ الصَّائِمِ بالمضمضة بالماء، وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التفريق بين الشاب والشيخ.
وكان من هديه إسقاط القضاء عمن أكل أو شرب ناسيا، وأن الله هو الذي أطعمه وسقاه، والذي صح عنه تفطير الصائم به: هو الأكل والشرب، والحجامة والقيء، والقرآن دل على الجماع، ولم يَصِحُّ عَنْهُ فِي الْكُحْلِ شَيْءٌ.
وَصَحَّ عَنْهُ أنه يستاك وهو صائم، وذكر أحمد عنه «أنه كان يصب على رأسه الماء وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ يَتَمَضْمَضُ وَيَسْتَنْشِقُ وَهُوَ صَائِمٌ، ومنع الصائم من المبالغة في الاستنشاق» ، «ولم يصح عنه أنه احتجم وهو صائم.
» قال أحمد: وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي الْإِثْمِدِ: لِيَتَّقِهِ الصائم ولا يصح، قال ابن معين حديث منكر.
فصل وكان يَصُومُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يُفْطِرُ. وَيُفْطِرُ حَتَّى يُقَالَ: لَا يَصُومُ. وَمَا اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَمَا كَانَ يَصُومُ فِي شَهْرٍ أكثر مما كان يَصُومُ فِي شَعْبَانَ، وَلَمْ يَكُنْ يَخْرُجُ عَنْهُ شهر حتى يصوم منه، وكان يتحرى صيام الاثنين والخميس (?) .
وقال ابن عباس: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُفْطِرُ أَيَّامَ الْبِيضِ فِي حضر ولا سفر.» ذكره النسائي (?) . وكان يحض على صيامها.
وَأَمَّا صِيَامُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ عنه فيه، وَأَمَّا صِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «صِيَامُهَا مَعَ رَمَضَانَ يَعْدِلُ صيام الدهر» وأما يَوْمِ عَاشُورَاءَ، «فَإِنَّهُ كَانَ يَتَحَرَّى صَوْمَهُ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ، وَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ تَصُومُهُ وَتُعَظِّمُهُ، فَقَالَ: نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، وَذَلِكَ قَبْلَ فَرْضِ رَمَضَانَ، فَلَمَّا فُرِضَ رَمَضَانُ قَالَ: مَنْ شَاءَ صَامَهُ ومن شاء تركه»
وكان من هديه إفطار يوم عرفة بعرفة ثبت