أنفسهما كذلك، وإن خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا زَادَتَا مَعَ الْقَضَاءِ إِطْعَامَ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، فَإِنَّ فِطْرَهُمَا لَمْ يَكُنْ لِخَوْفِ مَرَضٍ، وَإِنَّمَا كَانَ مَعَ الصِّحَّةِ، فَجُبِرَ بإطعام مسكين، كفطر الصحيح في أول الإسلام.

وكان مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادة، وكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان، وكان يُكْثِرُ فِيهِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالْإِحْسَانِ، وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، والصلاة، والذكر، والاعتكاف. وكان يخصه من العبادات بما لا يخص به غيره، حتى أنه لَيُوَاصِلُ فِيهِ أَحْيَانًا لِيُوَفِّرَ سَاعَاتِ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ عَلَى الْعِبَادَةِ.

وَكَانَ يَنْهَى أَصْحَابَهُ عَنِ الْوِصَالِ، فَيَقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُوَاصِلُ؟ فَيَقُولُ: «لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» نهى عنه رحمة للأمة، وأذن فيه إلى السحر.

فصل وكان من هديه أَنْ لَا يَدْخُلَ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ إِلَّا برؤية محققة، أو بشهادة شاهد، فإن لم يكن رُؤْيَةٌ وَلَا شَهَادَةٌ، أَكْمَلَ عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ، وَكَانَ إِذَا حَالَ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ دُونَ مَنْظَرِهِ سحاب أكمل شعبان ثلاثين، وَلَمْ يَكُنْ يَصُومُ يَوْمَ الْإِغْمَامِ، وَلَا أَمَرَ به، بل أمر بإكمال عدة شعبان وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا قَوْلَهُ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فاقدروا له» فإن القدر: هو الحساب المقدور، والمراد به الإكمال.

وكان من هديه الخروج منه بشهادة اثنين، وإذا شهد شاهدان برؤيته بعد خروج وقت العيد، أفطر، وأمرهم بالفطر، وصلى الْعِيدَ مِنَ الْغَدِ فِي وَقْتِهَا.

وَكَانَ يُعَجِّلُ الفطر، ويحث عليه، ويتسحر ويحث عليه ويؤخره ويرغب في تأخيره، وكان يحض على الفطر على التمر، فإن لم يجده، فعلى الماء.

وَنَهَى الصَّائِمَ عَنِ الرَّفَثِ وَالصَّخَبِ وَالسِّبَابِ، وَجَوَابِ السباب، وأمره أن يقول لمن سابه: إني صائم (?) .

وسافر في رمضان، فصام، وأفطر، وخير أصحابه بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَكَانَ يَأْمُرُهُمْ بِالْفِطْرِ إِذَا دَنَوْا من العدو، ولم يكن من هديه تَقْدِيرُ الْمَسَافَةِ الَّتِي يُفْطِرُ فِيهَا الصَّائِمُ بِحَدٍّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015