للمحارب بين قطع يده ورجله وقتله إذا أخذ المال، وَأَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي كَمَا فَعَلَ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا سملوا عين الراعي سملوا أعينهم، فظهر أن القصة محكمة، وإن كانت قبل أن تنزل الحدود، فالحدود نزلت بتقريرها لا بإبطالها.
فصل
في قصة الحديبية وذكر القصة إلى أن قال: والصلح على وضع الحرب عشر سنين، وأن يرجع عنهم عامه ذلك، فإذا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ قَدِمَهَا وَخَلَّوْا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَكَّةَ، فَأَقَامَ بِهَا ثَلَاثًا، وَأَنْ لَا يَدْخُلَهَا إلا بسلاح الراكب والسيوف في القُرُب، ومن أتاهم لم يردوه، ومن أتى من المسلمين منهم ردوه.
وفي قصة الحديبية أنزل الله فِدْيَةَ الْأَذَى لِمَنْ حَلَقَ رَأْسَهُ بِالصِّيَامِ أَوِ الصَّدَقَةِ أَوِ النُّسُكِ فِي شَأْنِ كَعْبِ بْنِ عجرة.
وفيها دعا للمحلِّقين ثلاثا، وللمقصِّرين مرة.
وفيها نحر البدنة عن عشرة، والبقرة عن سبعة.
وفيها أهدى جمل أبي جهل لِيَغِيظَ بِهِ الْمُشْرِكِينَ.
وَفِيهَا أُنْزِلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ.
فلما رجع إلى المدينة جاءه نساء مؤمنات، فنهاه الله عن إرجاعهن، فَقِيلَ: هَذَا نَسْخٌ لِلشَّرْطِ فِي النِّسَاءِ، وَقِيلَ: تَخْصِيصٌ لِلسُّنَّةِ بِالْقُرْآنِ، وَهُوَ عَزِيزٌ جِدًّا، وَقِيلَ: لم يقطع الشرط إلا على الرجال خاصة، فأراد المشركون أن يعمموا في الصنفين، فأبى الله تعالى ذلك.
وفيها من الفقه اعتماره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وأن الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ مِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ، كَمَا أَنَّ الإحرام بالحج كذلك.
وَأَمَّا حَدِيثُ «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مِنْ بَيْتِ المقدس غُفر له» ، فلا يثبت.
ومنها أن سوق الهدي سنة في العمرة المفردة، وأن إشعار الهدي سنة لا مثلة.
ومنها استحباب مغايظة أعداء الله.
ومنها أن الأمير يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَبْعَثَ الْعُيُونَ أَمَامَهُ نَحْوَ الْعَدُوِّ.
وَمِنْهَا أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ بِالْمُشْرِكِ الْمَأْمُونِ فِي الجهاد جائزة للحاجة، لأن عيينة الخزاعي كافر.
وَمِنْهَا اسْتِحْبَابُ مَشُورَةِ الْإِمَامِ رَعِيَّتَهُ وَجَيْشَهُ اسْتِخْرَاجًا لوجه الرأي، واستطابة لنفوسهم، وامتثالا لأمر الله.
ومنها جواز سبي ذراري المشركين المنفردين عن الرجال قبل القتال.
وَمِنْهَا رَدُّ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ وَلَوْ نُسِبَ إِلَى غَيْرِ مُكَلَّفٍ، فَإِنَّهُمْ لَمَّا قَالُوا: خَلَأَتِ الْقَصْوَاءُ، رد عَلَيْهِمْ وَقَالَ: " مَا خَلَأَتْ وَمَا ذَاكَ لَهَا بخلق ".
ومنها استحباب الحلف على الخبر