الآية، وقوله: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} [الْعَنْكَبُوتِ: 65] وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

[107] {أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ} [يوسف: 107] أَيْ: عُقُوبَةٌ مُجَلَّلَةٌ. قَالَ مُجَاهِدٌ: عَذَابٌ يَغْشَاهُمْ، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ} [العنكبوت: 55] الآية. قَالَ قَتَادَةُ: وَقِيعَةٌ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَعْنِي الصَّوَاعِقَ وَالْقَوَارِعَ. {أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً} [يوسف: 107] فجأة، {وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [يوسف: 107] بِقِيَامِهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَهِيجُ بِالنَّاسِ وَهُمْ فِي أَسْوَاقِهِمْ.

[108] {قُلْ} [يوسف: 108] يا محمد، {هَذِهِ} [يوسف: 108] الدَّعْوَةُ الَّتِي أَدْعُو إِلَيْهَا وَالطَّرِيقَةُ التي أنا عليها، {سَبِيلِي} [يوسف: 108] سُنَّتِي وَمِنْهَاجِي. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: دِينِي، نَظِيرُهُ قَوْلُهُ: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النَّحْلِ: 125] أَيْ: إِلَى دِينِهِ. {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} [يوسف: 108] عَلَى يَقِينٍ. وَالْبَصِيرَةُ: هِيَ الْمَعْرِفَةُ التي يميز بِهَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، {أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] أَيْ: وَمَنْ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي أَيْضًا يَدْعُو إِلَى اللَّهِ. هَذَا قول الكلبي وابن زيد. قال: حَقٌّ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ أَنْ يَدْعُوَ إِلَى مَا دَعَا إِلَيْهِ، يذكرون بِالْقُرْآنِ. وَقِيلَ: تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قوله: {أَدْعُو إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 108] ثُمَّ اسْتَأْنَفَ: {عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [يوسف: 108] يَقُولُ: إِنِّي عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ رَبِّي وَكُلُّ مَنِ اتَّبَعَنِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا عَلَى أَحْسَنِ طَرِيقَةٍ وَأَقْصَدِ هِدَايَةٍ، مَعْدِنَ الْعِلْمِ وَكَنْزَ الْإِيمَانِ وَجُنْدَ الرَّحْمَنِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، فَإِنَّ الْحَيَّ لَا تُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ، أُولَئِكَ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - كانوا أفضل هذه الأمة، أبرها قُلُوبًا وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، اختارهم الله لصحبة نبيه، لإقامة دِينِهِ، فَاعْرِفُوا لَهُمْ فَضْلَهُمْ، وَاتَّبِعُوهُمْ على آثَارِهِمْ وَتَمَسَّكُوا بِمَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ أَخْلَاقِهِمْ وَسِيَرِهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَسُبْحَانَ اللَّهِ} [يوسف: 108] أَيْ: وَقُلْ سُبْحَانَ اللَّهِ تَنْزِيهًا لَهُ عَمَّا أَشْرَكُوا بِهِ. {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف: 108]

[109] {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ} [يوسف: 109] يا محمد، {إِلَّا رِجَالًا} [يوسف: 109] لا ملائكة، {نُوحِي إِلَيْهِمْ} [يوسف: 109] قرأ أبو جعفر وحفص: (نُوحِي) بِالنُّونِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ. {مِنْ أَهْلِ الْقُرَى} [يوسف: 109] يَعْنِي: مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ دُونَ أهل الْبَوَادِي لِأَنَّ أَهْلَ الْأَمْصَارِ أَعْقَلُ من أهل البوادي لِغِلَظِهِمْ وَجَفَائِهِمْ. {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [يوسف: 109] يَعْنِي: هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ الْمُكَذِّبِينَ، {فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ} [يوسف: 109] آخِرُ أَمْرِ، {الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يوسف: 109] يَعْنِي: الْأُمَمَ الْمُكَذِّبَةَ فَيَعْتَبِرُوا، {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} [يوسف: 109] يَقُولُ جَلَّ ذِكْرُهُ: هَذَا فِعْلُنَا بِأَهْلِ وِلَايَتِنَا وَطَاعَتِنَا أَنْ نُنْجِيَهُمْ عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ، وَمَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لَهُمْ، فَتَرَكَ ما ذكرنا اكتفاء بدلالة الكلام عليه. قوله (وَلَدَارُ الْآخِرَةِ) ، قِيلَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015