- 44 - أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيرًا
- 45 - وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا
يَقُولُ تعالى: قل يا محد لِهَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ، بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الرِّسَالَةِ، سِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَذَّبُوا الرُّسُلَ، كَيْفَ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فخلت مِنْهُمْ مَنَازِلُهُمْ، وَسُلِبُوا مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ النعيم، بَعْدَ كَمَالِ الْقُوَّةِ وَكَثْرَةِ الْعَدَدِ وَالْعُدَدِ، وَكَثْرَةِ الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ، فَمَا أَغْنَى ذَلِكَ شَيْئًا وَلَا دَفَعَ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ، لأنه تعالى لا يعجزه شيء فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، {إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً} أَيْ عَلِيمٌ بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ، قَدِيرٌ عَلَى مَجْمُوعِهَا، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} أَيْ لَوْ آخَذَهُمْ بِجَمِيعِ ذُنُوبِهِمْ لَأَهْلَكَ جميع أهل السماوات والأرض، وما يملكونه من دواب وأرزاق، قال سعيد بن جبير والسدي في قوله تعالى: {مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ} أَيْ لَمَا سَقَاهُمُ الْمَطَرُ فَمَاتَتْ جَمِيعُ الدَّوَابِّ {وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} أَيْ وَلَكِنْ يُنْظِرُهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَيُحَاسِبُهُمْ يَوْمَئِذٍ، وَيُوَفِّي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ، فَيُجَازِي بِالثَّوَابِ أَهْلَ الطَّاعَةِ، وَبِالْعِقَابِ أهل المعصية، ولهذا قال تبارك وتعالى: {فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ، فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بصيراً}.