أضاء عسكرهم كله. قالوا: فيما نستظل؟ فإن الشمس علينا شديدة؟ قال يظلكم الله بالغمام.

قال وهب بن منبه:

إن الله أوحى إلى موسى أن سر ببني إسرائيل حتى تدخل الأرض المقدسة، فقد كتبتها لكم، فاخرج إليها فجاهد من فيها بمن معك من بني إسرائيل، فإني ناصركم. قال: فانطلق موسى بمن معه من بني إسرائيل فقالوا: يا موسى! إنا لا نعرف الطريق، ولا علم لنا بالأرض ومدخلها ومخرجها، ورجالها وحصونها. قال: فبعث موسى هؤلاء الاثنا عشر النقباء إلى الأرض، ليتحسسوا لهم الأرض، وأقام موسى مكانه وجعل عليهم يوشع بن نون. وكالب بن يوفنا، وكان فيما بين الشام وبينهم مفاوز ليس بها ماء ودعا لهم موسى بالرزق، فأنزل الله عليهم في مسيرهم المن والسلوى، وفجر لهن الحجارة عيوناً ماء من موضع موسى إلى أرض أريحا، وأقام موسى بمكانه، فقالت بنو إسرائيل: كيف لنا بهذا المسير البعيد الذي لا تقوى فيه على حمل الماء وصنعة الطعام؟ يعول الرجل منا أربع مئة عيل، فأي ماء يسعهم وأي طباخ يوسعهم، وأي دار تكنهم حتى تبلغهم؟ وأي خباء يسعهم؟ وإنما معناه الثياب والذهب والفضة، وليس بيننا وبين الأرض المقدسة مدائن الأسواق؛ فادع لنا ربك يكفينا مؤنة هذا السعي. فأوحى الله إلى موسى أني قد سمعت الذين قالوا، فاعلمهم أني قد أعلمتك وأعطيتك ما سألوا، فقل لهم: أما ما سألتم من الطعام، فإن الله يمطر لكم السماء بالمن - خبزاً مخبوزاً، طعمه كطعم الخبز المأدوم بالسمن والعسل - ومسخر لكم الريح فتنسف لكم طير السلوى، فتوسعكم لحماً ما أكلتم. وأما ما تحتاجون إليه من الماء فيفجر لكم من الحجر ماء رواءاً حيث نزلتم، فيوسعكم لشربكم وطهوركم؛ وأما ما أردتم من الكن والظل، فيسخر لكم الغمام فيظلكم من فوقكم ويكنكم من البرد والحر والريح. قالوا: يا موسى! نقيم حتى يرجع إلينا النقباء، فيخرجونا، فنرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015