تنعشوها، فإنه لا خير في دارٍ قد عصي الله فيها، ولا خير في دارٍ لا تدرك الآخرة إلا بتركها؛ فاعبروها ولا تعمروها، واعلموا أن أصل كل خطيئةٍ حب الدنيا، ورب شهوةٍ أورثت أهلها حزناً طويلاً.
وعن وهيب قال: قال عيسى بن مريم: أربع لا تجتمع في أحدٍ من الناس إلا يعجب: الصمت، وهو أول العبادة؛ والتواضع لله؛ والزهادة في الدنيا؛ وقلة الشيء.
وعن سفيان الثوري قال: قال المسيح: إنما تطلب الدنيا لتبر، فتركها أبر! روي أن ملكاً من الملوك بدمشق يقال له: هداد بن هداد صنع طعاماً ودعا إليه الناس، وكان فيمن دعا عيسى وحواريه، فقال المسيح لحواريه: لا تذهبوا. وخرج بهم فأتى بهم شاطئ بردى فأخرجوا كسراً لهم، فجعلوا يبلونها في الماء ويأكلون، فقال المسيح: يا معشر الحواريين! عجباً للملوك وما أوتوا في هذه الدنيا، وما يصنع بهم يوم القيامة! يا معشر الحواريين! إن الله قد بطح لكم الدنيا على وجهها، وأجلسكم على ظهرها، فليس يشارككم فيها إلا الشياطين والملوك، فأما الشياطين فاستعينوا عليهم بالصوم والصلاة، وأما الملوك فدعوهم والدنيا يدعوكم والآخرة.
كان عيسى يقول لأصحابه: بحق أقول لكم: إن حب الدنيا رأس كل خطيئة، وبالنظرة تزرع الشهوة في القلب، وكفى بها خطيئة.
كان عيسى يقول: حب الدنيا أصل كل خطيئة والمال فيه داء كبير، قالوا: وما داؤه؟ قال: لا يسلم من الفخر والخيلاء، قالوا: فإن سلم؟ قال: يشغله إصلاحه عن ذكر الله.
وعن شعيب بن صالح قال:
قال عيسى بن مريم: ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا التاط قلبه منها بثلاث: شغلٍ