عبد الله بن الزبير، وفلان بن الأخنس الثقفي على أهل الميمنة ومروان على الميسرة، وهم بالقتال، فلما رأى الباب قد أحرق خرج إليهم فقال: جزاكم الله خيراً، قد وفيتم بالبيعة، وقد بدا لي ألا ولا تراق أقاتل في محجمة دم، ففتح لهم سدة في داره فخرجوا منها، وغضب مروان بن الحكم فاختبأ في بعض بيوت الدار، فلما أحرق الباب وألقي عليه التراب والحجارة رجع عثمان ففتح المصحف يقرؤه إذ دخلت عليه جماعة ليس فيهم من أصحاب رسول الله ولا من أبنائهم أحد، فلما وصلوا إليه قاموا خلفه عليهم السلاح فقالوا: بدلت كتاب الله وغيرته، قال عثمان: كتاب الله بيني وبينكم. فضربه رجل منهم على منكبه فندر منه الدم على المصحف، وضربه آخر، فلما كثر الضرب غشي عليه، ونساؤه مختلطون مع الرجال، فضج النساء وغشي عليه، وجيء بماء فمسح على وجهه فأفاق، فدخل محمد بن أبي بكر عند ذلك وهو يرى أنه قتل، فلما رآه قاعداً قال: لا أراكم قياماً حول نعثل، وأخذ بلحيته فجره من البيت إلى باب الدار وهو يقول: بدلت كتاب الله وغيرته يا نعثل. فقال عثمان: لست بنعثل ولكني أمير المؤمنين، وما كان أبوك يأخذ بلحيتي. فقال محمد: لا يقبل منا يوم القيامة أن نقول: " أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل " ودخل رجل من كندة من أهل مصر مخترط السيف فقال: أفرجوا. فأفرجوا، فطعن في بطنه، وخلفه امرأته بنت الفرافصة الكلبية تمسك السيف، فقطع أصابعها.
وفي حديث آخر: أن محمد بن أبي بكر أخذ بلحية عثمان فقال بها حتى سمعت وقع أضراسه، فقال: ما أغنى عنك معاوية؟ ما أغنى عنك ابن عامر، ما أغنت عنك كتبك؟ فقال: أرسل لي لحيتي الحديث.