عثمان: يا بن أخي وصلتك رحم، إن القوم ما يريدون غيري، ووالله لا أتوقى بالمؤمنين ولكن أوقي المؤمنين بنفسي. فلما سمعت ذلك منه قلت: يا أمير المؤمنين، إن كان من أمرك كون فما تأمر؟ قال: انظر ما اجتمعت عليه أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن الله لا يجمعهم على ضلالة، كونوا مع الجماعة حيث كانت. قال بشار: فحدثت به حماد بن زيد فرق ودمعت عيناه، وقال: رحم الله أمير المؤمنين حوصر نيفاً وأربعين ليلة لم تبد منه كلمة يكون لمبتدع فيها حجة.
ولما ضرب عثمان والدماء تسيل على لحيته جعل يقول: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " اللهم إني أستعديك عليهم، وأستعينك على جميع أموري، وأسألك الصبر على ما ابتليتني.
وعن عبد الله بن سلام: انه قال لمن حضر تشحط عثمان في الموت حين ضربه أبو رومان الأصبحي: ماذا كان قول عثمان وهو يتشحط؟ قالوا: سمعنا يقول: اللهم اجمع أمة محمد، ثلاثاً، قال: والذي نفسي بيده لو دعا الله على تلك الحال ألا يجتمعوا أبداً، ما اجتمعوا إلى يوم القيامة.
ومن حديث أن عثمان كتب إلى أهل الشام يستمدهم حين حصر، فضرب معاوية بعثاً على أهل الشام، على أربعة آلاف، وكان قائدهم أسد بن كرز، جد خالد بن عبد الله القسري، فبلغ الذين حصروه أنه قد استغاث بأهل الشام، وقد أقبل إليه أربعة آلاف مدداً، فخافوا أن يكون بينهم وبين أهل الشام قتال، فعجلوا، فأحرقوا باب عثمان، فلما وقع الباب ألقوا عليه التراب والحجارة، وكان في الدار مع عثمان قريب من مئتي رجل، فيهم الحسن بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن الزبير، فاستعمل عثمان على أهل الدار