الْفَهم شَرط التَّكْلِيف فَلَا يجوز تَكْلِيف الْمَجْنُون والبهيمة والسكران وَغَيرهم مِمَّن فقد مِنْهُ الْفَهم فعلى هَذَا لَا يَقع طَلَاق السَّكْرَان وَلَا يجب عَلَيْهِ الْقصاص فِي الْقَتْل وَلَا يعْتَبر شَيْء من أَقْوَاله وَلَا أَفعاله لَا عَلَيْهِ وَلَا لَهُ
فَإِن قيل إِذا سكر ثمَّ قتل يَأْثَم على السكر وَالْقَتْل فترتب الْإِثْم يدل على التَّكْلِيف لِأَن غير الْمُكَلف لَا إِثْم عَلَيْهِ
فَالْجَوَاب من وَجْهَيْن
أَحدهمَا منع ترَتّب الْإِثْم على الْقَتْل بل إِنَّمَا هُوَ مُرَتّب على الشّرْب وَالسكر وَهَذَا قَول من يَقُول إِنَّه كَالْمَجْنُونِ فِي سَائِر أَقْوَاله وأفعاله لِأَنَّهُ ان وَجب تَكْلِيفه فَلَا يفهم لِأَنَّهُ لَو كَانَ كَذَلِك لاعتبر أَقْوَاله وافعاله وَهُوَ لَا يعْتَبر ذَلِك
الثَّانِي أَنه لَو رتب الْإِثْم على الْقَتْل وَالسكر لتساوى من قتل وَهُوَ صَاح ثمَّ سكر وَمن قتل وَهُوَ سَكرَان وَهَذَا لَا يَقُول بِهِ أحد فَإِن السَّكْرَان الَّذِي لَا يفهم كَيفَ يُقَال إِن إثمه فِي الْقَتْل كإثم الصاحي الَّذِي يفهم الْخطاب وَيَتَرَتَّب على فعله الْعقَاب
وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن إِثْم السَّكْرَان الَّذِي قتل فِي حَال سكره من إِثْم من سكر فَقَط وَلَا ينْهَى إئمة من قتل وَهُوَ صَاح ثمَّ سكر وَالله أعلم
وَيحْتَمل أَن يُقَال إِن السَّكْرَان إِن كَانَ قَصده الْقَتْل أَو الزِّنَى أَو غير ذَلِك من الْمُحرمَات قبل السكر ثمَّ فعل ذَلِك فِي حَال السكر فَإِنَّهُ قد يكون إثمه مثل إِثْم من فعل ذَلِك حَال الصحو وَأكْثر موإن لم يكن قَصده ذَلِك بل ابتدأه غَيره بالمهابشة فَقتله فان إثمه يكون أقل من ذَلِك
مَا دَوَاء من تحكم فِيهِ الدَّاء وَمَا الإحتيال فِيمَن تسلط عَلَيْهِ الخيال وَمَا الْعَمَل فِيمَن غلب عَلَيْهِ الكسل وَمَا الطَّرِيق إِلَى التَّوْفِيق وَمَا الْحِيلَة فِيمَن شطت عَلَيْهِ الْحيرَة