نحا نحوهم وَمن هَؤُلَاءِ من يثبت معاد الْأَرْوَاح العالمة دون الجاهلة وَفِيهِمْ من يُنكر المعادين
وَالصَّوَاب أَن مَعْرفَته بِالسَّمْعِ وَاجِبَة وَأما بِالْعقلِ فقد تعرف وَقد لَا تعرف فَلَيْسَتْ مَعْرفَته بِالْعقلِ ممتنعة وَلَا هِيَ أَيْضا وَاجِبَة
وَأما المتفلسفة فَتثبت الْمعَاد بِالْعقلِ وَتثبت التَّكْلِيف الْعقلِيّ وَأما مَا جَاءَ بِهِ السّمع من الْمعَاد والشرائع فلهَا فِيهِ تأويلات محرفة
فَصَارَت الْأَقْسَام فِي الْإِيمَان بِالْيَوْمِ الآخر وَفِي الْعَمَل الصَّالح هَل هُوَ مَعْلُوم بِالشَّرْعِ وَحده أَو بِالْعقلِ وَحده أَو يعلم بِكُل مِنْهُمَا
فِيهِ هَذَا الْخلاف بَين أهل الأَرْض وَإِن كَانَ الصَّوَاب أَن ذَلِك مَعْلُوم جيمعه بِالشَّرْعِ قطعا وَقد يعلم بعضه بل مثل هَذَا الْخلاف ثَابت فِي معرفَة الله تَعَالَى لَكِن التجاء الْمُتَكَلِّمين هُنَاكَ إِلَى الْعقل اكثر وَكثير من الْمُتَكَلِّمين كأكثر الْمُعْتَزلَة وَكثير من الأشعرية لَا يعلم عِنْدهم وجود الرب وَصِفَاته إِلَّا بِالْعقلِ كَمَا يزعمه الفلاسفة مَعَ اضْطِرَاب هَؤُلَاءِ وَآخَرين فِي مقابلتهم
وَقد كتبت تفاصيل أَقْوَال النَّاس وبينت مَذْهَب أَئِمَّة السّنة والْحَدِيث فِي هَذَا الأَصْل فِي قَاعِدَة تفي التَّشْبِيه وَمَسْأَلَة الْجِسْم وَإِمَّا الْغَرَض هَذَا التَّكْلِيف وتوابعه
وَإِنَّمَا قرنت بَين الْأُصُول الثَّلَاثَة الَّتِي قَالَ الله تَعَالَى فِيهَا {إِن الَّذين آمنُوا وَالَّذين هادوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ من آمن بِاللَّه وَالْيَوْم الآخر وَعمل صَالحا فَلهم أجرهم عِنْد رَبهم وَلَا خوف عَلَيْهِم وَلَا هم يَحْزَنُونَ} فأشرت إِلَى طرق النَّاس فِي مَعْرفَتهَا
وَالْحَمْد لله وَحده أَولا وآخرا وظاهرا وَبَاطنا حمد كثيرا مُبَارَكًا دَائِما بدواممه ولى الله عَليّ سيذنا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه وَسلم فرغت يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشر من شهر صفر سنة سته وستيين وَسَبْعمائة علقها العَبْد الْفَقِير إِلَى رَحْمَة ربه الغفور وعفوه وصفحه وجوده وَكَرمه وستره وبره وَمِنْه عبد الْمُنعم الْبَغْدَادِيّ الْحَنْبَلِيّ عَفا الله عَنهُ بمنه وَكَرمه وَعَن جَمِيع الْمُسلمين