وَإِنَّمَا تنازعوا فِي ذَلِك لظن المنازع أَن الْمَنّ لاحظ فِيهِ للْمُسلمين
وَالْمَقْصُود أَن تَخْيِير الإِمَام الْحَاكِم الَّذِي نزلُوا على حكمه هُوَ تَخْيِير رَأْي مصلحَة بِطَلَب أَي الْأَمريْنِ كَانَ أرْضى لله وَرَسُوله فعله كَمَا ينظر الْمُجْتَهد فِي أَدِلَّة السَّائِل فَأَي الدَّلِيلَيْنِ كَانَ أرجح اتبعهُ
وَلَكِن معنى قَوْلنَا يخبر أَنه لَا يتَعَيَّن فعل وَاحِد من هَذِه الْأُمُور فِي كل وَقت بل قد يتَعَيَّن فعل هَذَا تَارَة وَفعل هَذَا تَارَة وَقَول الله فِي الْقُرْآن {فإمَّا منا بعد وَإِمَّا فدَاء} يقتي فعل أحد الْأَمريْنِ وَذَلِكَ لَا يمْنَع تعين هَذَا فِي حَال وَهَذَا فِي حَال كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {قل هَل تربصون بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحسنيين وَنحن نتربص بكم أَن يُصِيبكُم الله بِعَذَاب من عِنْده أَو بِأَيْدِينَا} فتربص أحد الْأَمريْنِ لَا يمْنَع بِعَيْنِه إِذا كَانَ الْجِهَاد فرض عين علينا بعض الْأَوْقَات فَحِينَئِذٍ يصيبهم الله بِعَذَاب بِأَيْدِينَا كَمَا فِي قَوْله {قاتلوهم يعذبهم الله بِأَيْدِيكُمْ ويخزهم وينصركم عَلَيْهِم} الْعلمَاء قَوْله تَعَالَى فِي الْمُحَاربين {إِنَّمَا جَزَاء الَّذين يُحَاربُونَ الله وَرَسُوله ويسعون فِي الأَرْض فَسَادًا أَن يقتلُوا أَو يصلبوا أَو تقطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف أَو ينفوا من الأَرْض} لَا يَقْتَضِي أَن الإِمَام يُخَيّر تَخْيِير مَشِيئَة فيفعل أَي هَذِه الْأَرْبَعَة شَاءَ بل كلهم متفقون على أَنه يتَعَيَّن هَذَا فِي حَال وَهَذَا فِي حَال
ثمَّ أَكْثَرهم يَقُولُونَ تِلْكَ الْأَحْوَال مضبوطة بِالنَّصِّ فَإِن اقْتُلُوا تعين قَتلهمْ وَإِن أخذُوا المَال وَلم يقتلُوا تعين قطع أَيْديهم وأرجلهم من خلاف كَمَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأحمد روى فِي ذَلِك حَدِيث مَرْفُوع
وَمِنْهُم من يَقُول بل التَّعْيِين بِاجْتِهَاد الإِمَام كَقَوْل مَالك فَإِن رأى أَن الْقَتْل هُوَ الْمصلحَة قتل وَإِن لم يكن قد قتل
وَمن هَذَا الْبَاب تَخْيِير الإِمَام فِي الأَرْض الْمَفْتُوحَة عنْوَة بَين جعلهَا فَيْئا