عِنْدهم من أَي مَادَّة كَانَ من الْحُبُوب أَو التمار أَو لبن الْخَيل أَو غَيره وَسَوَاء كَانَ مطبوخا أَو نيئا ذهب ثلثه أَو نصفه أَو أقل أَو أَكثر وَالَّذِي أَبَاحَهُ عمر من الْمَطْبُوخ مَا كَانَ ن الْعِنَب أَو غَيره صرفا فَإِذا خلط بِمَا يقويه وَلَو ذهب ثُلُثَاهُ لم يكن مِمَّا أَبَاحَهُ عمر وَرُبمَا يكون لبَعض الْبِلَاد طبيعة يسكر فِيهَا مَا ذهب ثُلُثَاهُ فَيحرم إِذا فَإِن منَاط التَّحْرِيم هُوَ السكر بِاتِّفَاق الْأَئِمَّة

فصل

وَأما التَّدَاوِي بِالْخمرِ وَلحم الْكَلْب وَسَائِر الْمُحرمَات فَإِنَّهُ حرَام عِنْد جَمَاهِير الْأَئِمَّة كمالك وَأحمد وَأبي حنيفَة وَأحد الْوَجْهَيْنِ للشَّافِعِيّ لِأَنَّهُ ثَبت أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئِلَ عَن الْخمر يصنع الدَّوَاء فَقَالَ إِنَّهَا دَاء وَلَيْسَ بدواء وَنهى عَن الدَّوَاء الْخَبيث وَفِي السّنَن الْخمر أم الْخَبَائِث وَذكر البُخَارِيّ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ إِن الله لم يَجْعَل شِفَاء أمتِي فِيمَا حرم عَلَيْهَا وَرَوَاهُ أَبُو حَاتِم فِي صَحِيحه مَرْفُوعا وَالَّذين جوزوا التَّدَاوِي بالمحرم فاسوا ذَلِك على إِبَاحَة الْمُحرمَات للْمُضْطَر وَهَذَا ضَعِيف لوجوه

أَحدهَا أَن الْمُضْطَر يحصل مَقْصُوده بِأَكْل الْميتَة يَقِينا والمتداوي لَيْسَ كَذَلِك

الثَّانِي أَن الْمُضْطَر لَا طَرِيق لَهُ غير الْأكل من هَذِه وَأما المتداوي فَلَا يتَعَيَّن عَلَيْهِ تنَاول هَذَا الْخَبيث فَإِن الْأَدْوِيَة أَنْوَاع كَثِيرَة وَقد يحصل الشِّفَاء بِغَيْر الْأَدْوِيَة كالدعاء والرقي وَهُوَ أعظم نَوْعي الدَّوَاء حَتَّى قَالَ بقراط نِسْبَة طبنا إِلَى طب أَرْبَاب الهياكل كنسبة طب الْعَجَائِز إِلَى طبنا وَقد يحصل الشِّفَاء بِغَيْر سَبَب اخْتِيَاري بل بِمَا يَجعله الله من القوى الطبيعية فِي الْجَسَد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015