فِي الصَّحِيحَيْنِ أَن أهل الْيمن قَالُوا يَا رَسُول الله إِن عندنَا شرابًا يُقَال لَهُ البتع من الْعَسَل وَشَرَابًا من الذّرة يُقَال لَهُ المزر وَكَانَ قد أُوتى جَوَامِع والكلم فَقَالَ كل مُسكر حرَام وَقَالَ كل مُسكر خمر وكل مُسكر حرَام واستفاضت الْأَحَادِيث بذلك
والحشيشة المسكرة حرَام وَمن اسْتحلَّ السكرة مِنْهَا فقد كفر بل فِي أصح قولي الْعلمَاء أَنَّهَا نجسه كَالْخمرِ وَالْخمر كالبول والحشيشة كالعذرة وَيجب فِيهِ الْحَد وَإِنَّمَا توقف بعض الْفُقَهَاء فِي الْحَد لِأَنَّهُ ظن أَنَّهَا تغطى الْعقل كالبنج فيعزره وَالصَّحِيح أَنَّهَا تسكر وَإِنَّمَا كَانَت مسكرة بِخِلَاف البنج وجوزة الطّيب لِأَنَّهَا تسكر بالاستحالة كَالْخمرِ يسكر بالاستحالة أَيْضا فالبنج يغيب الْعقل ويسكر بعد الاستحالة كجوزة الطّيب وَمن ظن أَن الحشيشة لَا تسكر وَإِنَّمَا نغيب الْعقل بِلَا لَذَّة لم يعرف حَقِيقَة أمرهَا فَإِنَّهُ لَوْلَا مَا فِيهَا من اللَّذَّة لم يَتَنَاوَلهَا بِخِلَاف البنج وَنَحْوه والشارع اكْتفى فِي الْمُحرمَات الَّتِي لَا تشتهيها النُّفُوس كَالدَّمِ بالزاجر الطبيعي فَجعل الْعقُوبَة عَلَيْهَا التَّعْزِير وَأما مَا تشتهيه النُّفُوس فقد جعل الزاجر الشَّرْعِيّ كالزاجر الطبيعي وَهُوَ الْحَد والحيشية من هَذَا الْبَاب
وَمَا يرْوى أَن عمر أَبَاحَ الْمَنْصُوص وَصورته أَن يغلي الْعصير حَتَّى يذهب ثلاثاه فَالَّذِي أَبَاحَهُ عمر لم يكن يسكر فَمن نقل أَنه أَبَاحَ الْمُسكر فقد كذب وَأما إِذا ضيف إِلَيْهِ شَيْء مثل أفاويه مِمَّا تقويه حَتَّى يصير مُسكرا فَهَذَا من الخليطين وَقد استفاض النَّهْي عَن الخليطين وَقد استفاض النَّهْي عَن الخليطين لتقوية أَحدهمَا الآخر كَمَا نهى عَن خلط التَّمْر وَالزَّبِيب وَعَن الرطب وَالتَّمْر وللعلماء نزاع فِي الخليطين إِذا لم يسكر كَمَا تنازعوا فِي نَبِيذ الأوعية الَّتِي لَا تنشف بالغليان وكما تنازعوا فِي الْعصير والنبيذ بعد ثَلَاث
وَأما إِذا صادر الخليطان مُسكرا فَإِنَّهُ حرَام بانفاق جَمَاهِير عُلَمَاء الْأمة كَأَهل الْحجاز واليمن ومصر وَالشَّام وَالْبَصْرَة وفقهاء الحَدِيث وَمَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد وَأبي حنيفَة فان هَؤُلَاءِ جَمِيعًا على أَن كل مَا أسكر فقليله حرَام وَهُوَ خمر