هَذَا الحَدِيث وَأَنه قد يعْمل بعد ذَلِك مَا شَاءَ لَا يُرْجَى لَهُ أَنه يكون من أهل الْوَعْد وَلَا يجْزم لمُعين بِهَذَا الحكم كَمَا لَا يجْزم فِي حق معِين بالوعيد كساذر نُصُوص الْوَعْد والوعيد فَإِن هَذَا كَقَوْلِه من فعل كَذَا دخل الْجنَّة وَمن فعل كَذَا دخل النَّار لَا يجْزم لمُعين لَكِن يُرْجَى للمحسن وَيخَاف على المسئ
وَمن هَذَا الْبَاب حَدِيث البطاقة الَّتِي قدر الْكَفّ فِيهَا التَّوْحِيد وضعت فِي الْمِيزَان فرجحت عَليّ تِلْكَ السجلات من السيذات
وَلَيْسَ كل من تكلم بالسهادتين كلن بِهَذِهِ المنرلة لِأَن هَذَا العَبْد صَاحب البطاقة كَانَ فِي قلبه من التَّوْحِيد وَالْيَقِين وَالْإِخْلَاص مَا أوجب أَن عظم قدره حَتَّى صَار راجحا على هَذِه السَّيِّئَات
وَمن أحل ذَلِك صَار الْمَدّ من الصَّحَابَة رَضِي الله عَنْهُم أفضل من مثل جبل أحد ذَهَبا من غَيرهم
وَمن ذَلِك حَدِيث الْبَغي الَّتِي سقت كَلْبا فغفر لَهَا فَلَا يُقَال فِي كل بغى سقت كَلْبا غفر لَهَا لِأَن هَذِه البغى قد حصل لَهَا من الصدْق وَالْإِخْلَاص وَالرَّحْمَة بِخلق الله مَا عَادل إِثْم البغى وَزَاد عَلَيْهِ مَا أوجب الْمَغْفِرَة وَالْمَغْفِرَة تحصل بِمَا يحصل فِي الْقلب من الْإِيمَان الَّذِي يعلم الله وَحده مِقْدَاره وَصفته وَهَذَا يفتح بَاب الْعَمَل ويجتهد بِهِ العَبْد أَن يَأْتِي بِهَذِهِ الْأَعْمَال وأمثالها من مُوجبَات الرَّحْمَة وعزائم الْمَغْفِرَة وَيكون مَعَ ذَلِك بَين الْخَوْف والرجاء كَمَا قَالَ تَعَالَى {وَالَّذين يُؤْتونَ مَا آتوا وَقُلُوبهمْ وَجلة أَنهم إِلَى رَبهم رَاجِعُون}
وَلِهَذَا اسْتثْنى ابْن مَسْعُود وَغَيره فِي الْإِيمَان فَكَانَ يَقُول أحدهم أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله فَإِن الْإِيمَان الْمُطلق الْكَامِل يقتضى أَدَاء الْوَاجِب وأحدهم لَا يعلم بِيَقِين أَنه أدّى كل الْوَاجِب كَمَا أَمر وَلَئِن فَهُوَ فضل من الله ورحة فَلهَذَا استثنوا فِيهِ واستثنوا فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا لِأَنَّهُ لَا يجْزم بِأَنَّهُ أَتَى بهَا عَليّ وَجههَا فيأتى بِمَا أَتَى بِهِ من الْخَيْر وَقَلبه وَجل