الْحُدَيْبِيَة بِثَلَاث سِنِين وَقد كَانَ من شَأْن مسطح الَّذِي كَانَ يصله أَبُو بكر لرحمه مَا كَانَ وَهُوَ من أهل بدر رَضِي الله عَنْهُم وعده الله فِي قَوْله {لكل امْرِئ مِنْهُم مَا اكْتسب من الْإِثْم} وَقَوله {وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم} وَقَوله {إِن الَّذين يرْمونَ الْمُحْصنَات الْغَافِلَات الْمُؤْمِنَات لعنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَلَهُم عَذَاب عَظِيم} وَقد روى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم جلدهمْ

فقد وَقع هَذَا البدرى رَضِي الله عَنهُ المغفور لَهُ فِي هَذَا الْإِفْك الْعَظِيم لَكِن تَابَ مِنْهُ بِلَا ريب فَتبين أَن قَوْله {قد غفر لكم} لَا منع أَن يعلمُوا بعد ذَلِك ذنوبا ويتوبون مِنْهَا بل لَا بُد أَن يكون لِئَلَّا يتكلوا عَليّ الْأَخْبَار فَقَط بل لَا بُد من فعل السَّبَب من التَّوْبَة والحسنات الماحيات الْمُتَقَدّمَة أَو غير ذَلِك من الْأَسْبَاب كالمصائب فِي الدِّينَا أَو فِي البرزخ أَو عرصات الْقِيَامَة أويرحمهم

وَهَذِه الْأَسْبَاب يشْتَرك فِيهَا من علم أَنه قد غفر لَهُ وَمن لم يعلم لَكِن قد علم أَن الله يغْفر للتائب ويدخله الْجنَّة

وَأما الْجَاهِل بِحَالهِ فَلَا يدْرِي حَاله عِنْد الله فَعلمه بِأَن الله يغْفر الذَّنب وَيَأْخُذ بِهِ وإيمانه الْعَظِيم الَّذِي فِي قلبه بذلك أَفَادَهُ أَنه صَار عِنْد الله مِمَّن يغْفر لَهُ لَا محَالة فَلَا بُد لَهُ من الْأَسْبَاب فَإِنَّهُ لَا بُد أَن يَدُوم عَليّ الْإِيمَان ودوامه عَليّ الْإِيمَان من أعظم الْحَسَنَات الماحية وَأَن يصلى وَيَتُوب ويستغفر وَنَحْو ذَلِك من مُوجبَات الرَّحْمَة وعزاذم الْمَغْفِرَة

وَمن كرر التَّوْبَة مَرَّات واسترسل فِي الذُّنُوب وَتعلق بِهَذَا الحَدِيث كَانَ مخدوعا مغرورا من وَجْهَيْن

أَحدهمَا ظَنّه أَن الحَدِيث عَام فِي حق كل نَائِب وَإِنَّمَا هُوَ حِكَايَة حَال فَيدل عَليّ أَن من عباد الله من هُوَ كَذَلِك

وَالثَّانِي أَن هَذَا لَا يقتضى أَن يغْفر لَهُ بِدُونِ أَسبَاب الْمَغْفِرَة كَمَا قدمنَا وَمن كرر التَّوْبَة الْمَذْكُورَة وَالْعود للذنب لَا يجْزم لَهُ أَنه قد دخل فِي معنى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015