وَمن يَقُول إِن استطاعة الْفِعْل هِيَ التّرْك يَقُول إِن الْعباد لم يكلفوا إِلَّا بِمَا هم مسبوقون فِي طَاعَته وقدرتهت والاستطاعة لَا يخْتَص الْفَاعِل دون التارك باستطاعة خَاصَّة
فإنطلاق القَوْل بِأَنَّهُ كلف مَالا يطيقه كإطلاقه بِأَنَّهُ مجبور عَليّ أَفعاله إِذا سلب الْقُدْرَة فِي الْمَأْمُور نَظِير إِثْبَات الْجَبْر فِي الْمَحْظُور
وَإِطْلَاق القَوْل بِأَن العَبْد لَيْسَ مجبورا بِحَال كإطلاقه بِأَن العَبْد قَادِرًا على خلاف مَعْلُوم الله وَتَقْدِيره
وَسلف الْأمة وأئمتها يُنكرُونَ هَذِه الإطلاقات كلهَا لاشتمال كل وَاحِد من طرفِي النَّفْي وَالْإِثْبَات عَليّ بَاطِل وَإِن كَانَ فِيهِ حق بل الْوَاجِب إِطْلَاق الْعبارَات الْحَسَنَة وَهِي الْمَأْمُور بهَا الَّتِي جَاءَت بهَا النُّصُوص وَالتَّفْصِيل فِي الْعبارَات المجملة المشتبهة
وَكَذَلِكَ الْوَاجِب نَظِير ذَلِك فِي ساذر زبواب أصُول الدّين أَن يَجْعَل نُصُوص الْكتاب وَالسّنة هِيَ الأَصْل الْمُعْتَمد الَّذِي يجب اتِّبَاعه ويسوغ إِطْلَاقه وَتجْعَل الْأَلْفَاظ الَّتِي تنَازع فِيهَا النَّاس نفيا أَو إِثْبَاتًا موقوفاة على الاسفسار وَالتَّفْصِيل وَيمْنَع من إِطْلَاق نفي مَا أطلقهُ الله وَرَسُوله وَإِطْلَاق إِثْبَات مَا نفى الله ورسلوه
وَفصل الْخطاب أَن النزاع فِي أصلين
أَحدهمَا أَن التَّكْلِيف الْوَاقِع اتّفق الْمُسلمُونَ على وُقُوعه فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ أَمر الْعباد كلهم بِمَا أَمرهم الله وَرَسُوله من الأذمان بِهِ وتقواه وَهل يُسمى هَذَا أَو شَيْء مِنْهُ تَكْلِيف لَا يُطَاق