الأرض في وسط السماء كبطيخة في جوف بطيخة, والسماء محيطة بها من جميع جوانبها, وأن سفل العالم هو جوف كرة الأرض, وهو المركز, وهو منتهى السفل والتحت, وما دونه ولا يسمى تحتا بل لا يكون تحتا ويكون فوقا, بحيث لو فرضنا خرق المركز وهو سفل العالم إلى تلك الجهة لكان الخرق إلى جهة فوق ولو نفذ الخرق جهة السماء من تلك الجهة الأخرى لصعد إلى جهة فوق1.

وبرهان ذلك أنا لو فرضا مسافرا سافر على كرة الأرض من جهة المشرق إلى جهة المغرب, وامتد مسافرا لمشى مسافرا على الكرة إلى حيث ابتدأ بالسير, وقطع الكرة مما يراه الناظر أسفل منه, وهو في سفره هذا لم يبرح الأرض تحته, والسماء فوقه, فالسماء التي يشهدها الحس تحت الأرض هي فوق الأرض, لا تحتها, لأن السماء فوق الأرض بالذات, فكيف كانت السماء كانت فوق الأرض من أي جهة فرضتها. قال:

" وإذا كان هذا جسم وهو السماء -علوها على الأرض بالذات فكيف من ليس كمثله شيء وعلوه على كل شيء بالذات كما قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وقد تكرر في القرآن المجيد ذكر الفوقية {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} ... لأن فوقيته سبحانه وعلوه على كل شيء ذاتي له, فهو العلي بالذات, والعلو صفته اللائقة به, كما أن السفول والرسوب والانحطاط ذاتي للأكوان عن رتبة ربوبيته وعظمته وعلوه. والعلو

والسفول حد بين الخالق والمخلوق يتميز به عنه هو سبحانه علي بالذات وهو كما كان قبل خلق الأكوان وما سواه مستقل عنه بالذات وهو سبحانه العلي على عرشه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج الأمر إليه فيحيي هذا ويميت هذا ويمرض هذا ويشفي هذا ويعز هذا ويذل هذا وهو الحي القيوم القائم بنفسه وكل شيء قائم به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015