وإن أنت أنكرت توجيه هذا السؤال الذي سنه لنا الرسول صلى الله عليه وسلم وأبيت أن تجيب عليه بجواب إيجابي, أو أجبت بجواب المعتزلة: الله موجود في كل مكان. وهذا معناه القول باتحاد الخالق والمخلوق, وهو الكفر بعينه, أو تجيب بما في "الجوهرة" وحاشيتها وغيرها من كتب الكلام التي درستها وتثقفت بثقافتها حتى "أصبحت تملك من الوعي ما ينسج لك الحصانة الكافية"! فقد خالف الكتاب والسنة وإجماع الأمة كما سبق أن أشرنا إلى بعض النقول عن بعض الأئمة الموثوق بهم عندنا جميعا ونحن على مذهبهم في ذلك وباختصار فسواء كنت معنا أو ضدنا في هذه العقيدة, فكل من الطائفتين يمثل ملايين المسلمين منذ مئات السنين حتى اليوم, وفي الطائفة التي تؤمن بالسؤال والجواب الوارد في الحديث
المشار إليه آنفا شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه المحقق ابن قيم الجوزية, وجميع إخواننا الحنابلة اليوم الذي هم من أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب, وكل من الطائفتين هم بلا شك مما يشملهم ظنك الواسع الذي عبرت عنه بقولك في الرسالة السابقة "ص9":
" وما أظن إلا أننا جميعا مؤمنون بالله إلها واحدا لا شريك له بيده الخير ... "
وأما أنا فأعتقد أن كلا من الطرفين إذا تمسك بآداب الإسلام سيقول بلسان حاله أو قاله للطائفة المخالفة: "وإنا وإياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين".
والدكتور يعلم فيما أعتقد أن إحدى الطائفتين أيا كانت فهي على ضلالة, وليس هي, بلا شك من حيث الخلق, وإنما من جهة الفكرة والعقيدة
وكل من الطائفتين يمثل ملايين المسلمين اليوم في هذه المسألة وغيرها من مسائل الاعتقاد, أفليس هؤلاء المختلفون بحاجة يا دكتور إلى الدراسات
الفكرية, ولا أقول كما قلت: "إلى مزيد من الدراسات الفكرية"؟! لأن الإنسان العاقل يطمع في المزيد عندما يجد المزيد عليه فكيف وهو مفقود أو في حكم المفقود,