وقد قال قائلون من المعتزلة والجهمية والحرورية: أن معنى استوى: استولى وملك وقهر، وأنه تعالى في كل مكان، وجحدوا أن يكون على عرشه، كما قال أهل الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القدرة، فلو كان كما قالوا كان لا فرق. بين العرش وبين الأرض السابعة لأنه قادر على كل شيء، والأرض شيء، فالله قادر عليها وعلى الحشوش، وكذا لو كان مستوياً على العرش بمعنى الاستيلاء، لجاز أن يقال: هو مستو على الأشياء كلها ولم يجز عند أحد من المسلمين أن يقول: أن الله مستو على الأخلية والحشوش، فبطل أن يكون الاستواء "على العرش": الاستيلاء.

وذكر أدلة من الكتاب والسنة والعقل سوى ذلك.

وكتاب "الإبانة" من أشهر تصانيف أبي الحسن، شهره الحافظ ابن عساكر واعتمد عليه، ونسخه بخطه الإمام محيي الدين النووي.

271- "الإبانة" "ص34-37".

قلت: وفي قول الأشعري دليل واضح على بطلان قول الكوثري في تعليقه على "تبيين كذب المفتري" "ص28" أن كتاب الإبانة هذا هو على طريقة المفوضة في الإمساك عن تعيين المراد، وهو مذهب السلف!

فإن كلام الأشعري الذي نقله المصنف رحمه الله عن "الإبانة" وأشرنا إلى محله منه صريح في تعيين المراد، وهو أن الأستواء بمعنى العلو، فأين التفويض والإمساك عن تعيين المراد الذي زعمه الكوثري، ولا شك أن قوله "وهو مذهب السلف"، كذب أيضا كما يعلمه من درس أقوالهم في كتب أصول السنة التي جمعها المصنف رحمه الله تعالى في كتابه "العلو" فأوعى، ثم قربتها إليك في "مختصره" هذا، منبها على ما صح إسناده منها كما ترى.

291- ونقل الإمام أبو بكر بن فورك المقالة المذكورة عن أصحاب الحديث عن أبي الحسن الأشعري في كتاب "المقالات والخلاف بين الأشعري وبين أبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري" تأليف ابن فورك فقال:

الفصل الأول في ذكر ما حكى أبو الحسن رضي الله عنه في كتاب "المقالات" من جمل مذاهب أصحاب الحديث وما أبان في آخره أنه يقول بجميع ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015