تفسير ابن جرير مشحون بأقوال السلف على الإثبات، فنقل في قَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء} عن الربيع بن أنس أنه بمعنى ارتفع. ونقل في تفسير "ثم استوى على العرش" في المواضع كلها أي: علا وارتفع. وقد روى قول مجاهد ثم قال: ليس في فرق الإِسْلامِ مَنْ يُنْكِرُ هَذَا، لا من يقرأ أَنَّ اللَّهَ فَوْقَ الْعَرْشِ وَلا من ينكره من الجهمية وغيرهم1.
259- قلت: رواه المصنف بإسناده عن أبي سعيد الدينوري واسمه عمرو بن محمد بن يحيى كما وقع في إسناد جزء "الاعتقاد" لابن جرير المطبوع في بومباي. ولم أعرفه، ولكن تابعه القاضي أبو بكر أحمد بن كامل قال: قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جرير: فأول من نبدأ فيه بالقول من ذلك كلام الله عز وجل ... فذكر معتقده، وفيه ما روى الدينوري.
رواه اللالكائي في "شرح أصول السنة" "1/ 49/ 1" وسنده صحيح. ثم رأيت ابن القيم في "جيوشه" "ص75" كما عزاه لابن جرير في كتابه "صريح السنة".
274- وقال في كتاب "التبصير في معالم الدين" "له":
القول فيما أدرك علمه من الصفات خبراً، وذلك نحو إخباره عز وجل أنه سميع بصير، وأن له يدين بقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} وأن له وجهاً بقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} وأن له قدماً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "حتى يضع الرب فيها قدمه" وأنه يضحك بقوله: "لقي الله وهو يضحك إليه" وأنه يهبط إلى سماء الدنيا لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وأن له إصبعا بقول رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن" فإن هذه المعاني التي وصفت ونظائرها مما وصف "الله" به نفسه ورسوله، ما لا يثبت حقيقة علمه بالفكر والروية، لا نكفر بالجهل بها أحداً إلا بعد انتهائها إليه.
أخرج هذا الكلام لابن جرير، القاضي أبو يعلى الحنبلي في كتاب "إبطال التأويل" له.