99- ابن قتيبة "213-276"

263- قال الإمام العالم أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري صاحب التصانيف الشهيرة في كتابه في "مختلف الحديث":

نحن نقول في قول الله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ} : أنه معهم، يعلم ما هم عليه، كما تقول الرجل وجهته إلى بلد شاسع: احذر التقصير فإني معك، يريد أنه لا يخفي علي تقصيرك، وكيف يسوغ لأحد أن يقول: إن الله سبحانه بكل مكان على الحلول فيه مع قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} ومع قوله: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّب} كيف يصعد إليه شيء هو معه؟! وكيف تعرج الملائكة والروح إليه وهي معه؟!

قال: ولو أن هؤلاء رجعوا إلى فطرتهم وما ركبت عليه ذواتهم من معرفة الخالق، لعلموا أن الله عز وجل هو العلي، وهو الأعلى، وأن الأيدي ترفع بالدعاء إليه، والأمم كلها عجمها وعربها تقول: أن الله في السماء ما تركت على فطرها. قال:

وفي الإنجيل أن المسيح عليه السلام قال للحواريين: "إن أنتم غفرتم للناس فإن أباكم الذي في السماء يغفر لكم ظلمكم، انظروا إلى الطير فإنهن لا يزرعن ولا يحصدن، وأبوكم الذي في السماء هو يرزقهن" ومثل هذا في الشواهد كثير.

قلت: قوله "أبوكم" كانت هذه الكلمة مستعملة في عبارة عيسى والحواريين، وفي "المائدة": {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} فالأبوة والنبوة في قولهم لم يكونوا يريدون بها الولادة أصلا، بل يعنون به يحبهم ويربهم ويرأف بهم. وهذه الكلمة لم تستعمل في لغة هذه الأمة، ولا ينبغي الآن إطلاقها فإنها قد هجرت، بل ونزل نص كتابنا بذمها حيث يقول: {وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ} الآية: فإن صح أن عيسى عليه السلام نطق بها، فلها محمل غير ما ذم الله تعالى، فأما اليوم فلا نقر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015