وقد ألف أَحَادِيثُ النُّزُولِ فِي جُزْءٍ، وَذَلِكَ متواتر أقطع به.
ومن عقد أئمة السنة "السلف والخلف" أن نبينا صلى الله عليه وسلم عرج به إلى السموات العلى عند سدرة المنتهى، فكان مِنْهُ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى.
وفرض الله حينئذ عليه الصلوات الخمس، فنزل ومر على موسى فأخبره فقال: إني قد خبرت الناس قبلك، إن أمتك لا تطيق خمسين صلاة فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَسَلْهُ التَّخْفِيفَ.
وأحاديث المعراج تقدم بعضها وهى طويلة مشهورة، جمعها الحافظ عبد الغني، رأيتها في جزأين له، فلو كان معراجه مناماً، ورقيه إلى عند سدرة المنتهى في عالم السنة وغلبة الفكر، كوقائع العارفين، لما كان للمصطفى صلوات الله عليه في ذلك كبيرة مزية على كثير من صالحي أمته، ولما قرر الحق معراجه ونوه بذكره بأنه يقظة عياناً بقوله تعالى: "إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وما طغى" قال حبر هذا الأمة ابن عباس: هي رؤيا عين رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فصل: في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه ليلتئذ اختلاف، فذهب جماعة من السلف إلى أنه رأى ربه عز وجل، وذهب آخرون كأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وغيرها إلى أنه لم يره بعد، وذهب طائفة إلى السكوت والوقف. وقال قوم: رآه بعين قلبه.
وَقَدْ سَاقَ ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: "نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟ " وَعَدَّ ابْنُ خُزَيْمَةَ هذا منكرا. ثُمَّ قَالَ:
وَالَّذِي عِنْدِي فِي هَذَا مَا حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنِي أَبِي عن قتادة