ج- أما أول من عرفت عنه هذه البدعة فبعض الجهمية والمعتزلة وأما دليلهم فقول بعض الشعراء:
قد استوى بشر على العراق من غير سيفٍ أو دمٍ مهراق
وأما الرد عليه فمن وجوه: فأولاً: أن الاستواء خاص بالعرش والاستيلاء عام على جميع المخلوقات.
ثانياً: أنه أخبر بخلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. وأخبر أن عرشه على الماء قبل خلقهما والاستواء متأخر عن خلقهن. والله مستول على العرش قبل خلق السموات وبعده فعلم أن الاستواء على العرش الخاص به غير الاستيلاء العام عليه وعلى غيره.
ثالثاً: أن معنى هذه الكلمة مشهور كما قال بعض السلف وأنه لو لم يكن معنى الاستواء في الآية معلوماً لم يحتج الإمام مالك رحمه الله أن يقول والكيف مجهول لأن نفي العلم بالكيف لا ينفي ما قد علم أصله.
رابعاً: يلزم من تفسير الاستواء بالاستيلاء أن الله مستوٍ على الأرض ونحوها.
خامساً: إن إحداث القول في كتاب الله الذي كان السلف والأئمة على خلافه يستلزم أحد أمرين: إما أن يكون خطأ في نفسه أو تكون أقوال السلف المخالفة له خطأ. ولا يشك عاقل أنه أولى بالغلط والخطأ من قول السلف.
السادس: أن هذا اللفظ قد اطّرد في القرآن والسنة حيث ورد بلفظ الاستواء دون الاستيلاء. ولو كان معناه استولى لكان استعماله في أكثر موارده كذلك. فإذا جاء في موضع أو موضعين بلفظ استوى حمل على معنى استولى لأنه المألوف المعهود. وأما أن