وحدانيته فاتخذ معه نداً يعبده من الأصنام كعبادة الله ويساويه به في المحبة والتعظيم، والمحبة المذكورة في الآية هي المحبة الشركية المستلزمة للخوف والتعظيم والإجلال والإيثار على مراد النفس وهذه صرفها لغير الله شرك أكبر ينافي التوحيد بالكلية، وفي الآية الثانية نفي النظير والشبيه من كل وجه لأن أحداً نكرة في سياق النفي فيعم. الآية الثالثة ضمنت أولاً دعوة الخلق إلى عبادة الله بطريقين أحدهما إقامة البراهين بخلقهم وخلق السموات والأرض والمطر والثاني ملاطفة جميلة بذكر ما لله عليهم من الحقوق ومن الإنعام فذكر سبحانه أولاً ربوبيته لهم ثم ذكر خلقته لهم وآبائهم لأن الخالق يستحق أن يعبد ثم ذكر ما أنعم به عليهم من جعل الأرض فراشاً والسماء بناء وإنزال المطر وإخراج الثمرات لأن المنعم يستحق أن يعبد ويشكر وانظر قوله (جعل لكم) (رزقاً لكم) يدلك على ذلك لتخصيصه ذلك بهم في ملاطفة وخطاب بديع.
الثانية المقصود الأعظم من هذه الآية الأمر بتوحيد الله وترك ما عبد من دونه لقوله في آخرها (فلا تجعلوا لله أنداداً) وفي الآية دليل على أن الخلق مفطور على معرفة الله والإقرار به وفيها رد على المشبهة الذين يشبهون خلقه به والذين يشبهونه بخلقه وفيها رد على القدرية وينحوهم من الفرق وقوله (وأنتم تعلمون) أي والحال أنكم تعلمون أنه وحده الذي تفرد بخلقكم ورزقكم والذين من قبلكم وأن آلهتكم لا تخلق ولا ترزق ولا تضر ولا تنفع فاتركوا عبادتها وأفردوه بالعبادة.