ج- في هذه الآيات إثبات صفة الرحمة وسعتها وإثبات صفة العلم وسعتها وإثبات صفة المغفرة.
والرحمن الرحيم إسمان دالان على اتصافه بالرحمة واسم الرحمن خاص بالله تعالى لا يوصف به غيره وأما الرحيم فيدل على تعلقها بالمرحوم ويوصف به غيره فيقال فلان رحيم وتضمنت إثبات الرسالة والمأخذ من لفظ الجلالة لأنه المألوه المعبود ولا طريق إلى عبادة الله إلا من طريق الرسالة وذلك من إسم الرحمن لأن رحمته تمنع من إهمال عباده وتركهم سدى وقوله كتب ربكم على نفسه الرحمة أي أوجبها على نفسه تفضلاً وإحساناً وامتناناً منه على خلقه ومن أسمائه تعالى الحفيظ وهو مأخوذ من الحفظ وهو الصيانة.
وللحفيظ معنيان أحدهما أنه قد حفظ على عباده ما عملوا من خير وشر وطاعة ومعصية فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علمه بأحوال العباد كلها والمعنى الثاني أنه الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون.
وحفظه لعباده نوعان عام وخاص. فالعام حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يقيها ويحفظ بنيتها وتمشي إلى هدايته ومصالحها بإرشاده لها وهدايته العامة قال تعالى (أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) النوع الثاني حفظ خاص لأوليائه عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه الفتن والشهوات قال تعالى (إن الله يدافع عن الذين آمنوا) وهذا عام في جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم وفي الحديث أحفظ الله يحفظك.