من الضوابط التي لا بد للمرأة أن تتحلى بها: أن تقر في بيتها ولا تخرج إلا لحاجة، قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33] والنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن أفضل العبادات على الإطلاق هي الصلاة التي هي صلة بين العبد وبين ربه جل في علاه، ثم بين مكانة الصلاة في المساجد، وأن المرأة لا تمنع منها إن أتت بالضوابط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله) ثم بين لهن الخيرية في ذلك وهو صلاتهن في بيوتهن، فقال: (وبيوتهن خير لهن).
ولما رأت عائشة في زمن أواخر الصحابة ما تفعله النساء، قالت: لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تفعل النساء ما رخص لهن بالخروج في المساجد، فما منعت نساء بني إسرائيل من المساجد إلا لذلك.
فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل للمرأة ضوابط للخروج من البيت إلى المسجد، فلابد للمرأة أن تتحلى بها.
والمخالفات التي تقع فيها النساء عظيمة جداً، فالمرأة تأثيرها على الرجل بالبصر وبالشم، وهي لا تتأثر بالرجل إلا باللمس أو بالهمس، فالمرأة من قوة تأثيرها على الرجال أنها تهيج غرائزه، أي: تحركها بمجرد البصر، والمرأة حباها الله جل في علاه مقومات في شخصيتها وفي جسدها يمكن أن يتأثر بها الرجل، وأما المرأة فلا تتأثر إلا باللمس أو بالهمس، أي: بالغزل أو بالكلام الطيب، فخطورة المرأة على الرجل أشد من خطورة الرجل على المرأة، وهذا هو الذي جعل بعض العلماء يقول: إنه يجوز للمرأة أن تنظر للرجال بشرط أن يكون نظراً عاماً، لا نظراً فيه شهوة، ولهم في ذلك أدلة قوية منها: المرأة الخثعمية التي وقفت تسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت تنظر للفضل بن عباس والفضل ينظر لها، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم فأدار وجه المرأة الخثعمية بعصاه، وأدار وجه الفضل بيده، ولم ينكر على المرأة، فهذا فيه دلالة على أن المرأة لها أن تنظر إلى الرجل نظراً عاماً لا نظراً خاصاً أو بشهوة.
وأيضاً: الحديث الصحيح أن عائشة كانت تحب كثيراً أن تترفع على نساء النبي، وتظهر مكانتها عند النبي صلى الله عليه وسلم.
في ذات يوم أرادت إظهار مكانتها إذ دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فسألته: أتحبني؟ (فقال: أحبك، فتقول: وما علامة ذلك؟ فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: خذي هذا الدرهم علامة على حبي لكِ) فكانت تترفع بذلك على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم عادلاً في قسمته، فلما أعطاها الدرهم ذهب إلى كل امرأة من أزواجه فأعطى كل واحدة منهن درهماً، فلما اجتمعن جميعاً في مكان واحد ومعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قامت عائشة فقالت: (يا رسول الله! من أحب النساء إليك؟ قال: التي أعطيتها درهماً).
وفي أحد الأعياد والحبشة يلعبون في المسجد بالحراب، فأخذت عائشة تنظر إليهم، فتضع خدها على خد رسول الله، ونساء النبي يشهدن مكانتها وموقعها عند النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول لها: (اكتفيتِ؟ فتقول: لا، ما اكتفيت، وتقول: ليس لي حظ في الرؤية) أي: أنها لا تريد أن ترى الحبشة وهم يلعبون، وإنما تريد أن تري النساء مكانتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والشاهد من هذه القصة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أباح لها أن ترى الحبشة وهم يلعبون بالحراب في المسجد، ولم ينكر عليها، فهذا إقرار من النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك قال العلماء: يجوز للمرأة؛ أن ترى الرجال أو تنظر إليه نظراً عاماً، وهذا القول من الوجاهة بمكان، والأحوط لها أن لا تنظر.
ولما كان الرجل يتأثر سريعاً بالنظر إلى المرأة فقد وضع الله جل في علاه سياجاً على المرأة، بأن لا تخرج من البيت إلا لحاجة، فإذا خرجت فلا بد لها أن تلتزم بآداب معينة، فلا تتبرج قال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب:33].