علاقة العناد بفطرة الأطفال

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتدي، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

أما بعد: فشكوى ذكرت من بعض إخواننا الأفاضل سواء الآباء أو الأمهات تتعلق بمشكلة من مشاكل الأطفال، وهي العناد، وسوف نتكلم في شيء من هذا، وأرجو من الله تعالى أن يكون في الحديث عنها فائدة سواء لمن كان يعاني من هذه المشكلة، أو لمن يمكن أن تكون عنده فيما بعد.

فالشكوى هي من الطفل العنيد، وكيف نتصرف مع الطفل العنيد؟ الإنسان إذا لم يفهم لماذا يعاند الطفل فسوف يؤدي به ذلك إلى أن يسلك مسالك تزيد من هذا العناد، وتشوه صحة الطفل النفسية، فالطفل الذي لا يسمع الكلام، أو الذي لا يطيع، أو العنيد إذا لم يتحقق له طلبه فإنه يرمي بنفسه على الأرض ويصرخ ويضرب رأسه بالحائط، ويفعل مثل هذه الأشياء المعروفة عنه؛ حتى إنه قد يرفض الدخول للامتحان، وإن دخل فإنه يترك الورقة فارغة مع أنه مذاكر ويعلم الحل الصحيح، وكل ذلك عناداً! فما تفسير هذا السلوك؟ وكيف نتعامل مع الطفل العنيد؟ نقول: إن عدم الطاعة من الطفل، أو العناد في السنوات الأولى من العمر -قبل سن الخامسة- يعتبر سلوكاً طبيعياً؛ لأن الطفل في هذه المرحلة مدفوعاً بغريزة أو فطرة حب الاستطلاع واكتشاف البيئة من حوله، فقد لا يستمع لأوامرك أو نواهيك ويتمادى فيما يريد هو أن يفعله، فهنا لا ينبغي أن نفسر هذا على أنه عناد بمعنى العناد كما يكون من الكبير؛ لأن الطفل في هذه المرحلة يكون مدفوعاً دائماً في تصرفاته بحب الاستطلاع، وهذه من فطرة الله سبحانه وتعالى، فالطفل مغروس فيه حب الاستطلاع، وهي فترة حساب المعلومات، وفهم البيئة من حوله، واكتشاف نفسه والآخرين من حوله.

وربما كان الأبوان هما السبب في استخراج العناد من الطفل؛ لأن القاعدة تقول: (إذا أردت أن تطاع فأمر بما يستطاع) فلابد أن يحصل اعتدال من الأبوين حينما يأمران الطفل بأمر معين؛ لأنهما ربما يضطرانه إلى التمرد والعصيان إذا كانت أوامرهما غير معقولة.

كذلك لابد أن يتسم سلوك الأبوين بالحزم المرن، لابد أن يكون هناك حزم لكنه حزم فيه نوع من المرونة، ومقترن بالحب والحنان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015