هذا الشيخ نفسه، .. قبل أن يولد تشرشل يعني، لكن نفس الوصية.
هذا ابن السلطان، وفي يوم من الأيام سيكون السلطان، فماذا فعل كي يحدث تغييرا كبيرا في الأمة، ركز على هذا الطفل، وكان هو الذي يربيه، فكان بين وقت وآخر يأخذ هذا الطفل ويمشي به، يمر به على الساحل، الذي هو جزء من استانبول الذي يقع في قارة آسيا، ويشير إلى الجهة الأخرى من القسطنطينية.
يشير إلى أسواره، وكانت القسطنطينية طبعا محصنة تحصينا شديدا جدا، فيشير إلى أسوار القسطنطينية التي تلوح من بعد شامخة .. ثم يقول له: أترى إلى هذه المدينة التي تلوح في الأفق؟ إنها القسطنطينية. وقد أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أن رجلا من أمتي سيفتحها بجيشه. ويضمها إلى أمة التوحيد، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ» (?) ..
ومازال يكرر هذه الإشارة على مسمع الأمير الصبي إلى أن نبت شجرة الهمة في نفسه، وترعرعت في قلبه، فعقد العزم على أن يجتهد ليكون هو ذلك الفاتح الذي يبشر به الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -.
فقد كان والده السلطان مراد الثاني العثماني منذ صغره يستصحبه معه، بين حين وآخر إلى بعض المعارك، ليعتاد مشاهدة الحرب والطعان ومناظر الجنود في تحركاتهم واستعداداتهم ونزالهم، وليتعلم قيادة الجيش وفنون القتال عمليا، حتى إذا ما ولي السلطنة وخاض غمار المعارك خاضها عن دراية وخبرة.
ولما جاء اليوم الموعود شرع السلطان محمد الفاتح في مفاوضة .. القسطنطين ليسلمه القسطنطينية فلما بلغه رفض الامبراطور تسليم المدينة، قال رحمه الله: «حسنا عن قريب سيكون لي في القسطنطينية عرش أو يكون لي فيها قبر».
-انظر إلى الهمة.