مما ينبغي أن يراعى أيضا عند التربية بالترغيب والترهيب أن يكون المربي صادقا في انفعالاته بنصوص الترغيب والترهيب، لأنه إذا كان صادقا في مشاعره فإن هذه المشاعر تنتقل بالعدوى تتعدى إلى هؤلاء المربين حيث ينقادون له ويحبونه ويقلدونه.
وإذا كان صادقا أيضا ستتخذ ملامح وجهه ولهجة كلامه الهيئة التي تثير هذه الانفعالات كلما اقتضى الأمر، كذلك ينبغي الاعتماد على الاقناع والتكرار لتربية العواطف الربانية، فتكرار الانفعالات المتشابهة مرة بعد مرة حول موضوع معين وبمناسبات مختلفة كالقصة والوصف والحوار والاستفهام واستجواب الطلاب، فهذا يربي في النفس الاستعداد الدائم لثورة انفعالية وجدانية، كلما وجد الإنسان نفسه في موقف مشابه.
فالعواطف دافع مهم من دوافع السلوك، تحرض الإنسان على الصبر: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156)} (?) فهذه المشاعر والعواطف والأمور الوجدانية تحرض الإنسان على الصبر وتغذي طاقته وهي لا تقل أهمية عن الدوافع الغريزية بل هذه تهيمن عليها وتوجهها وتنظمها وتسمو بها، وبها يمتاز الإنسان على الحيوان.
فكما أن بالنفس عواطف سلبية توافق التربية بالترهيب كالخوف والخشوع، كذلك في النفس عواطف إيجابية توافق التربية بالترغيب كالمحبة، كل إنسان منذ الطفولة يميل إلى أنه يحِب ويحَب.
والحب: هو تعلق المحب بالمحبوب وتتبع آثاره ودوام ذكره وحضور القلب معه، وعمل ما يرضيه ويحقق سروره.
يقول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} (?) يعني من أهل الأنداد في محبتهم أصنامهم أو أندادهم.
يقول ابن كثير رحمه الله تعالى: ولحبهم لله وتمام معرفتهم به وتوقيرهم وتوحيدهم له لا يشركون به شيئا، بل يعبدونه وحده ويتوكلون عليه ويلجئون إليه في جميع أمورهم.