حق الرضاعة، فالرضاعة من الأم تعد حقًا مقدسًا في نظر الشريعة الإسلامية السمحاء، لما لحليب الأم الممزوج بدفق العواطف والشفقة والرحمة والأمن إلى جانب ما يقدمه من مناعة صحية، فضلاً عن أثاره في تحديد معالم شخصيته في المستقبل، لقد أكد العلماء قديمًا وحديثًا على أهمية الرضاعة في حياة الطفل، يقول ابن سينا إنه «يجب أن يرضع ما أمكن من لبن أمه فإن في إلقامه ثدي أمه عظيم النفع في دفع ما يؤذيه، وبالذات أول ما يفرز فور الولادة شيء يسمى اللبا هو سائل مختلف في شكله عن اللبن، وبعض الأمهات الجاهلات تتخلص منه، وهذا جهل فاحش لأن هذا هو أول ما يناله الطفل من الأم وبيكون محتوي على أشياء عجيبة جدًا، يعني أجسام مناعية في غاية الكثافة مضادات حيوية، وأجسام مناعية، وبروتين عالي جدًا، ومحتوي على أشياء مدهشة، ليه لأن ما زال الطفل نازل ومتعرض لبيئة جديدة فمحتاج لنوع من المناعة فشوف ابن سينا يقول له فإن في إلقامه ذلك عظيم النفع في دفع ما يؤذيه إشارة إلى هذه المناعة.
أيضًا الطبيب البلدي في كتابه «تدبير الحبالى والأطفال والصبيان» قال: «الأخلق بلبن الأم أن يكون أوفق الألبان كلها لسائر الأطفال إن لم يكن لها علة أو لسبب يفسد اللبن»، كشفت الدراسات الحديثة عن أهمية الرضاعة في بلورة ذهن الطفل التأثير مناغاة الأم الطفل وابتسامتها في وجهه في ترسيخ أسس الصحة العقلية للطفل في مرحلة الطفولة المبكرة لأن هذه الرضاعة تنمي الحنان وتقوي الرابطة العاطفية بين الأم ووليدها لتتطور وتؤثر في نموه النفسي.
ويلاحظ طبعًا هذه دراسات مؤكدة أن نسبة حدوث مشاكل واضطرابات نفسية أقل بين الأطفال الذين يرضعون طبيعيًا بالمقارنة بمن يرضعون صناعيًا، وحتى الآن لم يكتشف على الإطلاق أي شيء يضاهي لبن الأم هذه حقيقة علمية مؤكدة، مهما حاولوا لم يستطيعوا أن يصلوا إلى مضاهاته، لهذا تجد الشريعة الإسلامية نصت على أن حق الطفل في الرضاعة يثبت بمجرد ولادته، ولذلك كان هذا من