الشاهد هنا في قوله: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ»؛ لا يوجد أب يريد أن يطرح أبناءه في النار لكن في الواقع هناك من يلقي أولاده ليس في نار الدنيا، وإنما في نار جهنم بأن يفرط في تربيتهم لإنقاذهم من النار وفي ذلك يقول الله - سبحانه وتعالى - {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} (?).
فهدف التربية الإسلامية يختلف تمامًا عن جميع أنواع التربية الأخرى؛ فجميع تعريفات التربية في المفهوم الغربي تلتقي حول إعداد الطفل ليكون قادرًا على تحقيق رغباته الدنيوية أن يعيش متكيفًا مع المجتمع من حوله وأن يحقق ما يصبوا إليه لا تُذكر فيها الآخرة على الإطلاق السلام النفسي الاستقرار التكيف إلى آخره لكن في دائرة الحياة الدنيا، الأمر الذي يختلف تمامًا مع الهدف الإسلامي من التربية؛ فالهدف الإسلامي من التربية أن يكون الأبناء عبيدًا لله - سبحانه وتعالى - متحررين من عبودية غيره لأن هذا هو الغاية من الخلق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57)} (?).
وأول أمر في القرآن الكريم {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21)} (?) ويقول الله - سبحانه وتعالى -: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)} (?).