حديثنا اليوم عن التشجيع والثناء والتحفيز بالنسبة للأطفال أو طلبة العلم أو الناس عموماً، فللمدح والثناء أثر فعال في استنهاض الهمم والإنجاز العظيم، فكلمات الثناء والامتنان، والتعبير عن الشكر تقوم بالإشعاع بالطاقة وإطلاقها، بوسعك أن تمدح جسداً ضعيفاً ليتحول بمديحك أو ثنائك أو تشجيعك إلى قوة، وأن تمدح قلباً يملؤه الخوف ليتحول إلى السكينة والاطمئنان والثقة، وتتحول الأعصاب المحطمة إلى ثبات وقوة، والمشروع الفاشل إلى نجاح وازدهار.
إن عامة الخلق جبلوا على حب الثناء والتأثر والسعادة به، حتى إن مدربي الحيوانات يقومون بتدليل ومكافئة الحيوانات التي يرعونها بتقديم الحلوى أو أي شيء تحبه اعترافاً وثناء على طاعتها لهم، كذلك الأطفال يشعرون بالمرح والسرور عندما يثنى عليهم ويمدحون، حتى يقال: إن القدرة نفسها تنمو بصورة أفضل لأولئك الذين يعشقونها، فالثناء والتشجيع يعطي المرء طاقة وحيوية، خاصة إذا تلقى هذا الثناء من إنسان يعرفه أو يعبر له عن شكره بما قام به من عمل؛ فيشعر بالرضا والانبساط.
نحن الآن على مشارف العام الدراسي الجديد، وتنبيهنا للمدرسين على وجه الخصوص، ثم للمربين عموماً وفي مقدمتهم الآباء والأمهات، فينبغي أن نتعامل مع أطفالنا من منطلق هذا التحفيز والتشجيع والمديح والثناء الصادق الذي يرفع معنوياتهم، ويشحن الطاقة الجسمية والمعنوية لديهم كي تتحول إلى سلوك وعمل، وتنمي فيهم القدرة على تحمل المسئوليات.
شخص يدعى الدكتور هنري بوذرد كان يعمل مدرساً في إحدى المدارس في (نيوجرسي)، فاخترع جهازاً لقياس الإعياء والتعب، وكان الأطفال هم موضع الاختبار، وعندما كانوا يتلقون كلمات الثناء والإعجاب والتشجيع كان يظهر الجهاز ارتفاعاً مفاجئاً يعبر عنه بوجود طاقة إضافية، وكانت طاقتهم تزداد بمجرد أن يسمعوا هذه الكلمات، وعندما كانوا يتعرضون للنقد واللوم والتوبيخ كانت تندفع طاقتهم الجسمانية إلى الهبوط بصورة مفاجئة، ورغم عجز العلم عن تفسير قوة الثناء بدليل مادي أو حسي إلا أنه استطاع أن يقوم بقياس أثر الثناء والتشجيع على طاقة الإنتاج.
بعض الأطفال كان يوماً يقول وهو محبط وحزين: إنني إذا ارتكبت أخطاء أرى الجميع ينتقدونني، وإذا أنجزت إنجازاً قيماً لا أسمع كلمة ثناء من أحد! فكان هذا سبباً من أسباب إحباطه، وكثير من الناس يتعمد هذه الطريقة ويقول: لكي نربيه ويصير رجلاً يتحمل المسئولية؛ لا نمدحه، لكن فقط نوبخه ونعنفه، فبعض الناس يركزون فقط على السلبيات والنقد، ويطلقون على الأطفال أحياناً وابلاً من السباب والشتائم، وينبغي أن نشبع جوع هؤلاء الأطفال إلى المديح وإلى الثناء، وأن نحفظ لهم كرامتهم، ونعطيهم المزيد من الاحترام والثقة، والفرصة للعطاء والإنتاج لما يناط بهم من مسئوليات؛ فيصبحون بذلك أكثر إيجابية وتعاوناً مع الآخرين.